أهلا وسهلا بكم في منتديات كوكتيل الشباب

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

أهلا وسهلا بكم في منتديات كوكتيل الشباب

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات كوكتيل الشباب

المواضيع الأخيرة

» ساعة منبه لا يصمت إلا بإبتسامة !!!
مقدمة: الزواج في ظل الاسلام... Emptyالإثنين ديسمبر 26, 2011 7:14 pm من طرف المدير العام

» كلمه احبك ب28 لغه
مقدمة: الزواج في ظل الاسلام... Emptyالأربعاء ديسمبر 21, 2011 4:20 pm من طرف المدير العام

» الأذان بصوت الشيخ ناصر القطامي MP3
مقدمة: الزواج في ظل الاسلام... Emptyالأحد مايو 22, 2011 4:52 pm من طرف 

» نظام المرور عند النمل
مقدمة: الزواج في ظل الاسلام... Emptyالأربعاء يناير 26, 2011 4:39 pm من طرف ماهرعبادي

» المذيع الأردني وزوجته المغربية .. قلدا هاني رمزي ونيكول سابا وسرقا محل مجوهرات
مقدمة: الزواج في ظل الاسلام... Emptyالسبت ديسمبر 11, 2010 6:15 pm من طرف 

» الكويت : مشاجرة نسائية بالاحذية بين فتاتين في السالمية بسبب المنافسة على شاب
مقدمة: الزواج في ظل الاسلام... Emptyالسبت ديسمبر 11, 2010 6:12 pm من طرف 

» ظهور سلالة جديدة من إنفلونزا الخنازير H1N1 أشد فتكاً
مقدمة: الزواج في ظل الاسلام... Emptyالسبت أكتوبر 23, 2010 2:06 pm من طرف 

» لغز -1-
مقدمة: الزواج في ظل الاسلام... Emptyالأربعاء أكتوبر 20, 2010 1:52 pm من طرف المدير العام

» باعتماد من هارفارد الدولية بلندن ...... منحة الموظف الدولى المعتمد ( CIE )
مقدمة: الزواج في ظل الاسلام... Emptyالثلاثاء أكتوبر 19, 2010 11:44 pm من طرف forsan2

» حلق مع الصقور
مقدمة: الزواج في ظل الاسلام... Emptyالخميس أكتوبر 14, 2010 3:46 pm من طرف المدير العام

» !!!أضرار تسخين أرغفه الخبز ..!!!
مقدمة: الزواج في ظل الاسلام... Emptyالأحد سبتمبر 26, 2010 5:57 pm من طرف 

» لكل مستخدمى Xp حوله الأن الى Vista فى دقائق
مقدمة: الزواج في ظل الاسلام... Emptyالأحد سبتمبر 26, 2010 5:47 pm من طرف 

» دروس ICDL تعلم مباشرة دون تحميل و باللغة العربية
مقدمة: الزواج في ظل الاسلام... Emptyالأحد سبتمبر 26, 2010 5:38 pm من طرف 

» كل واحد يرد بمثل شعبي
مقدمة: الزواج في ظل الاسلام... Emptyالجمعة سبتمبر 10, 2010 5:27 am من طرف نور

» هل تحب فلسطين وتريد ان تعود لها
مقدمة: الزواج في ظل الاسلام... Emptyالجمعة سبتمبر 10, 2010 4:56 am من طرف نور

تدفق ال RSS


Yahoo! 
MSN 
AOL 
Netvibes 
Bloglines 

4 مشترك

    مقدمة: الزواج في ظل الاسلام...

    avatar


    تاريخ التسجيل : 01/01/1970

    مقدمة: الزواج في ظل الاسلام... Empty مقدمة: الزواج في ظل الاسلام...

    مُساهمة من طرف  الأربعاء نوفمبر 04, 2009 2:42 pm

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} ، {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا} ، {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما}.

    امتن الله سبحانه وتعالى علينا في كتابه أن خلقنا معشر الرجال والنساء من نفس واحدة. وهذه النفس الواحدة هي آدم. والمنة في هذا أن نوع الرجال ليسوا خلقاً مستقلاً وكذلك نوع النساء ليس أصل خلقهم مستقلاً فلو كان النساء خلقن في الأصل بمعزل عن الرجال كأن يكون الله قد خلقهم من عنصر آخر غير الطين مثلاً أو من الطين استقلالاً لكان هناك من التنافر والتباعد ما الله أعلم به ولكن كون حواء قد خلقت كما جاء في الحديث الصحيح من ضلع من أضلاع آدم عليه السلام كان هذا يعني أن المرأة في الأصل قطعة من الرجل، ولذلك حن الرجل إلى المرأة وحنت المرأة إلى الرجل وتجانسا: حنين الشيء إلى مادته وتجانس المادة بجنسها.
    ثم كان من رحمة الله سبحانه وتعالى أن جعل التكاثر من التقاء الرجال والنساء لقاء يكون فيه الإفضاء الكامل، والالتصاق الكامل واللذة الكاملة وذلك ليحقق قول النبي صلى الله عليه وسلم: [النساء شقائق الرجال]، فالرجل والمرأة وجهان لعملة واحدة. أو شقان لشيء واحد.
    وهذا الخلق على هذا النحو من أعظم آيات الله سبحانه وتعالى، كما قال جل وعلا: {وهو الذي خلقكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون}.
    ولذلك أمرنا الله سبحانه وتعالى بمراعاة هذه الوحدة في الأصل عند تعامل الرجال والنساء فقال: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً}.
    بل أمرنا بما هو أكبر من ذلك أن نتذكر نعمته في خلقنا على هذا النحو، وبأن خلق فينا هذا الميل من بعضنا لبعض وغرس في القلوب الحب والرحمة بين الزوجين كما قال سبحانه وتعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}.
    وهكذا يصبح أمام المسلم أمور يجب أن يضعها نصب عينيه وهو يبحث في العلاقة بين الرجل والمرأة:
    أولاً: أن الرجال والنساء جنس واحد وليسوا جنسين، فأصلهم واحد وهو آدم وزوجته قطعة منه، والرجال والنساء في الأرض بعضهم من بعض لا توجد نسمة إلا وفيها جزء من الرجل وجزء من المرأة وقد تحملت المرأة في الخلق والتكاثر ما لم يتحمل الرجل حيث كان رحمها مستقراً ومستودعاً للنطفة، ومكاناً لاكتمال الخلق من البويضة النطفة إلى الطفل. وقد تحمل الرجل في مقابل ما تحملت المرأة الكدح في سبيل العيش والرعاية وبهذا توزعت الاختصاصات وتحمل كل شق من هذا الجنس الواحد جانباً من جوانب استمرار الحياة وبقاء الحضارة: تحملت المرأة وهيأها الله أن تكون مستقراً ومستودعاً للنسل حتى يخرج إلى الحياة، وأن يكون الرجل مكافحاً وعاملاً وكادحاً في سبيل الحصول على الرزق وبهذا تكتمل الصورة الواحدة.
    ثانياً: أن خلق الرجال والنساء على هذا النحو من أكبر آيات الله سبحانه وتعالى، ومن أعظم الأدلة على قدرته. وقد أرشدنا الله سبحانه وتعالى في آيات كثيرة إلى التفكير في هذا الخلق كما قال تعالى: {فلينظر الإنسان مم خلق، خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب}، والصلب في لغة العرب هو فقار الظهر (عند الرجل)، والترائب هي عظام الصدر، قال الفراء في هذه الآية (يعني صلب الرجل وترائب المرأة) والمعنى عند ذلك أنه من مجموع جسدي الرجل والمرأة بل ومن مخ عظامهما أوجدك الله أيها الإنسان. وذلك لتتم اللحمة والتعاطف والحب بين الأزواج والزوجات والآباء والأمهات والأبناء بعضهم مع بعض فمن فرق بين الذكر والأنثى لصفات الذكورة والأنوثة التي جعلها الله سبحانه وتعالى لازماً لاستمرار النوع والنسل فقد فرق بين الشيء نفسه وجنسه، ومن افتعل معركة بين ذكور الجنس البشري وإناثه فإنما هو مبطل يريد هدم الكيان البشري والوصول إلى الإباحية والشيوعية الجنسية، ومن قال بما قال به الرب سبحانه من توزيع الحقوق والوجبات على الجنسين اعتباراً بالذكورة والأنوثة فقد وافق الفطرة التي فطر الله الناس عليها وأراد أن يعم السلام والخير بين الرجال والنساء.
    انظر إلى قوله تعالى: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً، وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة، ورزقكم من الطيبات، أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون}.
    فالزوجة من النفس لأنها بضعة من الرجل، والأولاد وأولاد الأولاد من اجتماع الذكور والإناث، والراحة النفسية ومتاع الدنيا هو في الحب الحقيقي بين الزوج وزوجته وبين الأب والأم وأولادهما، وبين الأبناء وآبائهم وجدودهم، فكم يسعد الجد بأحفاده سعادة لا تعدلها سعادة الطعام الجيد والشراب اللذيذ، وصلة القرابة هذه وصلات النسب والتمتع بذلك لا يكون إلا في ظل النكاح الشرعي، وأما في أنكحة السفاح فإن أول حرمان لأصحابها هو حرمانهم من هذا الحب الشريف النقي بين الأرحام إذ مع السفاح واختلاط الأنساب لا أرحام وإنما يبغي لذة واحدة هي لذة الحيوان فهل يراد للبشر الذين كرمهم الله أن يكونوا كذلك؟..
    avatar


    تاريخ التسجيل : 01/01/1970

    مقدمة: الزواج في ظل الاسلام... Empty حكم الزواج في الإسلام...

    مُساهمة من طرف  الأربعاء نوفمبر 04, 2009 2:56 pm

    الزواج شرعه الله سبحانه وتعالى لبقاء النسل، ولاستمرار الخلافة في الأرض كما قال الله تعالى: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة}، والخليفة هنا هم الإنس الذين يخلف بعضهم بعضا في عمارة هذه الأرض وسكناها بدليل قوله تعالى بعد ذلك: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك}، وقال تعالى أيضا: {وهو الذي جعلكم خلائف في الأرض}، ولا يمكن أن نكون خلائف في الأرض إلا بنسل مستمر، وليس كل نسل مرادا لله سبحانه وتعالى ولكن الرب يريد نسلا طاهرا نظيفا، ولا يتحقق ذلك إلا بالزواج المشروع وفق حدود الله وهداه.
    ولما كان الإسلام دين الفطرة، ودين الله الذي أراد عمارة الأرض على هذا النحو فإن الإسلام قد جاء بتحريم التبتل والحث على الزواج لكل قادر عليه ويدل على هذا أحاديث منها:
    1- حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: [رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل ولو آذن له لاختصينا]، والتبتل هو الانقطاع عن الزواج عبادة وتدينا وتقربا إلى الله سبحانه وتعالى بالصبر على ذلك والبعد عما في الزواج من متعة وأشغال ابتغاء رضوان الله سبحانه وتعالى، ومعنى هذا أن هذه العبادة غير مشروعة في الإسلام. بل قد جاء حديث آخر يبين أنها مخالفة لسنة الإسلام وهديه وهو الحديث الآتي:
    2- حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أن ثلاثة نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: أصلي ولا أنام، وقال بعضهم: أصوم ولا أفطر، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: [ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأتزوج النساء. فمن رغب عن سنتي فليس مني] (متفق عليه). وهذا صريح في أن هذه الشريعة أعني التبتل والرهبانية ليست من دين محمد صلى الله عليه وسلم في شيء.
    وقد جاءت الأحاديث التي تحث على الزواج وتبين أن الزواج عون على طاعة الله ومرضاته من ذلك:
    1- حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء] (رواه الجماعة).
    وفي هذا الحديث ما يدل على أن الزواج معين على العفة وصون الجوارح عن زنا الفرج كما في الحديث:
    [إن العين تزني وزناها النظر، وإن اليد تزني وزناها البطش، وإن الأذن تزني وزناها السمع، وإن الفرج يصدق هذا أو يكذبه]، وإعفاف النفس وصونها عن كل ذلك من أفضل ما تقرب به المتقربون إلى ربهم سبحانه وتعالى كما لا يخفى ما في ترك الزواج من الآثار السيئة النفسية المدمرة على كل من الرجل والمرأة وهو ما عبر عنه القرآن بالعنت حيث قال تعالى في شأن إباحة الزواج من الإماء: {ذلك لمن خشي العنت منكم}، وهو الإرهاق النفسي الذي يصاحب الكبت الجنسي.
    2- ومن هذه الأحاديث أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم في معرض بيان ما يثاب به العبد وتكتب له به الحسنات: [وفي بضع أحدكم صدقة]، والبضع هو من المباضعة -والمباضعة: هي الجماع- قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: [أرأيتم إن وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في حلال كان له بها أجر]، وهذا الحديث غاية في بيان المراد في هذا الصدد وأن الزواج ليس من المباح الملهي وإنما هو من المباح الذي يتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى.
    3- وفي قوله صلى الله عليه وسلم: [دينار تنفقه على أهلك، ودينار تنفقه على مسكين، ودينار تنفقه في سبيل الله،أعظمها أجراً الذي تنفقه على أهلك] (رواه مسلم).
    وفي هذا بيان أن النفقة على الأهل أحب النفقات وأعظمها أجراً عند الله سبحانه وتعالى وبالطبع هذا كله إذا ابتغى المسلم وجه الله سبحانه وتعالى لما جاء في حديث سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: [واعلم أنك لن تنفق نفقة صغيرة ولا كبيرة تبتغي بذلك وجه الله إلا أجرت عليها حتى اللقمة تضعها في فم امرأتك] (متفق عليه).
    وقد استدل ببعض الأحاديث المتقدمة من يرى وجوب الزواج وأن من تركه مع القدرة عليه فهو آثم وهذا رأي ابن حزم وقول من أقوال الإمام ابن حنبل وعموم الفقهاء والأئمة على استحباب ذلك ولكن لا يخفى مع هذا أن من تركه زهادة فيه وهو آمن على نفسه من الفتنة وانشغالاً بأعمال أخرى من البر والدعوة والجهاد فنرجو أن لا يكون مثل هذا آثماً بتركه.

    حكمة الزواج وأهدافه
    لماذا نتزوج:


    سؤال ينبغي أن يسأله كل شاب وشابة لنفسه بل كل مريد للزواج قبل أن يقدم عليه. لماذا نتزوج؟ وما الحكمة من هذا الزواج؟
    وهناك أربعة حكم أو أهداف اجعلها نصب عي*** قبل أن تقدم على الزواج.
    1- النسل:
    جعل الخالق سبحانه استمرار النوع الإنساني على الأرض منوطاً بالتزواج، واستمرار النوع هدف وغاية للخالق سبحانه وتعالى كما قال جل وعلا عن نفسه: {الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين}، ولذلك أيضاً جعل الله سبحانه وتعالى الإضرار بالنسل من أكبر الفساد في الأرض كما قال تعالى: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد}.
    والنسل الذي يصلح لعمارة الأرض وخلافتها وسكناها هو النسل الذي يأتي بطريق نكاح لا بطريق سفاح، فالنسل السوي هو نسل النكاح. وأما نسل السفاح فهو مسخ يشوه وجه الحياة ويشيع فيها الكراهية والمقت. ولا يغيب عن بال قارئ مثقف في عصرنا ما يعانيه العالم الآن من أولاد السفاح الذين خرجوا إلى الأرض بأجسام بشرية وبنفوس حيوانية مريضة ملتوية، قد فقدت الحنان في طفولتها ولم تعرف الأرحام والأقارب فغابت عنها معاني الرحمة.
    والنكاح بأصوله وحدوده وقواعده كما شرعه الله سبحانه وتعالى هو الوسيلة السليمة لاستمرار النوع الإنساني وبقائه وقد أمرنا سبحانه بابتغاء النسل عند معاشرة النساء حيث قال سبحانه: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن - علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم، فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم..} الآية، وابتغاء ما كتب الله هو طلب الولد (على وجه من وجوه التفسير لهذه الآية: {وابتغوا ما كتب الله لكم} أي من قيام رمضان فلا تنشغلوا بالمباح في ليلة من معاشرة النساء عن قيام ليلة وخاصة في العشر الأواخر كما ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعتزل نساءه فيهن) ولذلك جاء في حديث ابن عباس في الصحيح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما بولد لم يضره الشيطان أبداً].
    2- الإمتاع النفسي والجسدي:
    يهيئ الزواج لكل من الرجال والنساء متعة من أعظم متع الدنيا وهذه المتعة تنقسم إلى قسمين: سكن وراحة نفسية، وإمتاع ولذة جسدية. قال تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} (الروم:21).
    والسكن إلى المرأة يشمل سكن النفس وسكن الجسم والمودة والرحمة من أجمل المشاعر التي خلقها الله فإذا وجد ذلك كله مع الشعور بالحل والهداية إلى الفطرة ومرضاة الله سبحانه وتعالى كملت هذه المتعة ولم ينقصها شيء، وقد ساعد على ذلك بالطبع الأصل الأول للخلق، وغريزة الميل التي خلقها الله في كل من الذكر والأنثى للآخر وابتغاء هذا المتاع، والسكن بالزواج مطلوب شرعاً كما قال تعالى: {فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها}، وهذا عن زينب رضي الله عنها والوطر هو حاجة الإنسان كالأرب، والاستمتاع بالنساء لا ينافي التعبد الكامل بل هذا النبي صلى الله عليه وسلم سيد العابدين والمتقين يقول: [حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء، وجعلت قرة عيني في الصلاة]. فمحبة الطيب والنساء لم تمنعه صلوات الله وسلامه عليه أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم للعالمين وأن يكون سيد العابدين المتقين، ولذلك فقد وسع الله عليه في ذلك، حيث قال: {يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك، وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين..} الآية.
    وبين سبحانه وتعالى أنه لا حرج ولا ضيق على النبي في هذا المباح والذي أوجب الله عليه بعضه أحياناً كما أوجب عليه أن يتزوج بزينب وأمره بذلك حيث قال: {فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها..} الآية، فالآمر بالزواج هنا هو الله سبحانه وتعالى وبين أنه لا حرج عليه في هذا حيث قال: {ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدراً مقدوراً}.
    والشاهد من هذا كله أن متع الزواج الحسية والنفسية من خير ما خلق الله من متاع لعباده في الدنيا، وابتغاء هذا المتاع وفق تشريع الله وهديه من الأسباب التي توصل إلى مرضاة الله سبحانه.
    3- بلوغ الكمال الإنساني:
    الحكمة الثالثة من حكم الزواج هي بلوغ الكمال الإنساني فالرجل لا يبلغ كماله الإنساني إلا في ظل الزواج الشرعي الذي يتوزع فيه الحقوق والواجبات توزيعاً ربانياً قائماً على العدل والإحسان والرحمة لا توزيعاً عشوائياً قائماً على الأثرة وحب الذات وافتعال المعارك بين الرجال والنساء وأخذ الحقوق والتنصل من الواجبات بالشد والجذب والتصويت في (البرلمانات).
    فالمتع الجسدية والنفسية تعمل عملها في نفس الإنسان وفكره وقواه النفسية والبدنية فيشعر بالرضا والسعادة والراحة النفسية والجسدية حيث تتصرف طاقته وغريزته بأنظف الطرق وأطهرها وحيث ينشأ بين الزوجين الوفاء والحب الحقيقي القائم على الود والرحمة والمشاركة، لا ذلك الميل الحيواني القائم على تفريغ الشهوة وبلوغ اللذة دون وجود الوفاء والرحمة. فمشاعر الزناة والزواني لا يمكن أن تكون كمشاعر الأزواج والزوجات فالأولى مشاعر حيوانية شهوانية حدها محدود بوجود هذه اللذائذ الحسية ومنته بانتهائها، ولا يمكن أن يكون فيها ومعها أي شعور بالاحترام والود والوفاء بل على العكس من ذلك، هناك شعور بالاحتقار والازدراء والامتهان احتقار الزواني لمن وافقته على عمله الخبيث، واحتقار الزانية لمن استغل حاجتها أو جمالها أو ضعفها الأنثوي وميلها الطبيعي. ولذلك فمشاعر الزناة والزواني متضاربة، ساقطة، ومشاعر الأزواج منسجمة سامية، وتلك المشاعر تولد العقد النفسية والانحلال الخلقي وضعف الوازع وهوان النفس، وأما مشاعر الأزواج النظيفة فإنها تورث الحب والرحمة وسمو النفس وحياة الضمير والقلب، وباختصار مشاعر الأزواج بناء ومشاعر الزناة والزواني مشاعر هدم. ولذلك سمى الزواج في الإسلام بناء. حيث إنه بناء نفسين وبناء أسرة.
    ولذا فأبعد الناس عن الأمراض النفسية والعصبية هم أهل الاستقامة في هذا الشأن وأقرب الناس إلى الأمراض النفسية والعقد والامتهان هم أهل الانحراف والفساد.
    ولذلك فالمجتمع السليم في أفراده ذكوراً وإناثاً هو مجتمع الزواج الشرعي، وبغير ذلك مجتمع الخنا والانحراف.
    وتوزيع المسؤوليات في الزواج ينمي قدرة الرجل على القيام بالواجب ويجعل له هدفاً سامياً في الحياة وهو إسعاد زوجته أو حمايتها والسعي في سبيل أبنائه وذريته. وبالمسئوليات يتربى الرجال وكذلك بالمسئوليات الملقاة على الزوجة نحو الزوج تكمل شخصية المرأة. وقد دلت الإحصائيات الحديثة على أن المرأة لا تكمل نفسياً وجسدياً وعقلياً أيضاً إلا بعد المولود الثالث فإذا كانت هذه الزوجة التي رزقت بأولاد ثلاثة في ظل أسرة متماسكة وفي ظل تربية سليمة وأهداف نبيلة بلغت المرأة كمالها الإنساني الذي قدره الله لها. وبهذا نفسر التمزق والطيش وضعف الوازع والرغبة في الهدم التي تسيطر على العوانس ممن حرمن نعمة الزواج والأولاد ولذلك جاء الإسلام بالقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة فأمر المسلمين أمراً لازماً بتزويج العوانس والأرامل حيث قال تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله..} الآيات. والأيامى جمع أيم، والأيم هي التي مات زوجها، والأمر هنا للمسلمين عامة وأولي الأمر خاصة. فالعنوسة وكثرة الأيامى التي لا يتزوجن من أكبر مشكلات المجتمع - والشاهد أن المرأة التي حرمت نعمة الزواج أو حرمت نعمة الأولاد امرأة ناقصة خلقياً وفكرياً وعقلياً، وإن كان هذا أحياناً بظلم المجتمع. ولست بصدد البحث عن أسباب ذلك، ولكننا بصدد البحث في نتائج ذلك. والخلاصة أن الرجل لا يكمل عقله وتستقر نفسه إلا في ظل الزواج وكذلك الحال بالنسبة للمرأة.
    4- التعاون على بناء هذه الحياة:
    هذه الحياة التي نعيشها على ظهر هذه الأرض تفرض علينا أن نعيش في مجتمع، والمجتمع بناء كبير يتكون من لبنات. والوحدة الأولى من وحدات هذا المجتمع هو الفرد رجلاً كان أم امرأة. والرجل والمرأة مستقلاً كلاً منهما عن الآخر لا يستطيع أي منهما العيش، بل كل منهما محتاج للآخر حاجة شق النواة للشق الثاني بل حاجة الشيء إلى نفسه، ولذلك لا يمكن أن نبني مجتمعاً سليماً إلا بتكوين لبنة سليمة، ولا نستطيع أن نقول إن الرجل بنفسه لبنة واحدة ولذلك كانت الأسرة هي اللبنة الأولى لبناء المجتمع السليم، وبتعاون الزوجين تبنى الحياة، ولذلك فعقد الزواج يشابه عقود الشركة من هذا الوجه. أعني المشاركة في بناء الحياة وتحمل أعبائها.
    هذه أهداف أربعة اجعلها أمامك: النسل، والاستمتاع، وبلوغ الكمال الإنساني، والمشاركة لبناء الحياة.

    عبدالرحمن عبدالخالق
    الكويت في 17 محرم 1399هـ.

    mmsalman87
    mmsalman87


    عدد المساهمات : 42
    تاريخ التسجيل : 29/10/2009

    مقدمة: الزواج في ظل الاسلام... Empty رد: مقدمة: الزواج في ظل الاسلام...

    مُساهمة من طرف mmsalman87 الخميس نوفمبر 05, 2009 1:36 am

    جزاك الله كل خير
    lovecandle87
    lovecandle87


    عدد المساهمات : 30
    تاريخ التسجيل : 01/11/2009
    العمر : 37
    الموقع : الأردن

    مقدمة: الزواج في ظل الاسلام... Empty رد: مقدمة: الزواج في ظل الاسلام...

    مُساهمة من طرف lovecandle87 الإثنين نوفمبر 09, 2009 1:06 am

    الله يجزيك الخير
    المدير العام
    المدير العام
    Admin


    عدد المساهمات : 104
    تاريخ التسجيل : 22/10/2009
    العمر : 46

    مقدمة: الزواج في ظل الاسلام... Empty كيف تختار شريك الحياة؟!

    مُساهمة من طرف المدير العام الثلاثاء ديسمبر 01, 2009 5:44 pm

    عرفنا مما سبق أنه يجب علينا أن نضع أربعة أهداف أمامنا ليكون زواجنا كاملاً وهذه الأهداف الأربعة هي: النسل، والإمتاع النفسي والجسدي، وبلوغ الكمال الإنساني، والتعاون على بناء الحياة، هذه الأهداف الأربعة قد نصل إليها جميعها وقد نحرم بعضها إما بشيء خارج عن إرادة الزوجين كالنسل وذلك أن العقم يعود غالباً إلى أسباب خلقية (بفتح الخاء وتسكين اللام) كما قال تعالى: {ويجعل من يشاء عقيماً}، وقد يعود التقصير في بلوغ الأهداف السابقة إلى أسباب من فعلنا كسوء الاختيار والانحراف الخلقي والجهل بطبيعة الحياة الزوجية.. الخ وهذا ما نحن بصدد بيان السبل التي تساعدنا على تجنبه.
    أول ما يجب على كل من الرجل والمرأة معرفته هو مناط الاختيار. أعني ما الصفات التي يجب أن تتحلى بها المرأة حتى يرغب الرجل في الزواج بها؟ وما الصفات التي يجب أن يتحلى بها الرجل حتى ترغب المرأة في الزواج منه؟ وفيما يلي بعض صفات هي مناط الاختيار عند الناس جميعاً سنورد بحول الله كل صفة مبينين القيمة الحقيقية لها وأثرها في الحياة الزوجية.
    أولاً: الأصل أو المعدن أو الأرومة:
    لو نظرت إلى مجموعة مختارة من جميع أجناس الأرض وأشكالها لوجدت أنهم يختلفون في مظهرهم وخلقتهم اختلافاً بيناً فهناك الطويل والقصير والألوان على اختلاف درجاتها من الأسود والأبيض والأصفر.. وهناك اختلاف الأشكال والملامح والقسمات.. بل ليس هناك إنسان في الأرض يشبه إنساناً آخر من كل وجه بل لا بد أن يكون هناك اختلاف ما، ولذلك لا تشبه بصمة أصبع بصمة أخرى أبداً.
    وهذا الاختلاف الظاهري الشكلي يبدو تافهاً جداً وقليلاً جداً إذا قارناه بالاختلاف النفسي والخلقي فنفوس الناس وصفاتهم الداخلية الخلقية تختلف اختلافاً عظيماً جداً. وأصدق وصف لاختلاف الناس هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: [الناس معادن كمعادن الذهب والفضة وخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا]، وفي الحديث فوائد عظيمة جداً أهمها: أن كرم الأصل في الجاهلية يساعد على التحلي الكامل بأخلاق الإسلام والقيام بتعاليمه. فالإنسان (خامة) منها النوع الجيد جداً الذي يتشكل بسهول ومن الناس خامات رديئة كالفضة المغشوشة أو المعدن المخلوط الذي لا يصلح مهما حاولت صناعته لشيء. وهناك فارق عظيم بين كرم الأصل، ونقاوته وشهرة العائلة والقبيلة فقد يشتهر غير الكرام وإنما المقصود المعدن البشري. والحق إن معرفة معادن الناس شيء عسير جداً ولا يفهمه إلا صيرفي ماهر، وهذا لا يستطيعه كل الناس ولكن الضابط في هذا هو اشتهار الناس بأخلاق معينة وصفات معروفة، قد تكون هذه الشهرة مبنية على معرفة حقيقية وحوادث ووقائع تفيد العلم اليقيني، وقد تكون مبنية على دعايات وإشاعات كاذبة. فالناس يقولون هؤلاء القوم كرماء شجعان، وأولئك بخلاء جبناء، وهؤلاء القوم تغلبهم نساؤهم، وأولئك يهينون زوجاتهم، وهؤلاء القوم نساؤهم عفيفات محصنات وأولئك نساؤهم مستهترات خليعات وهكذا. المهم أن أخلاق الشعوب والقبائل والفصائل مختلفة متباينة ولذلك وجب علينا النظر في أصول الناس قبل الإقدام على الزواج. وهذه القاعدة بالطبع قاعدة أغلبية وليست قاعدة كلية حتمية فقد يوجد الشجاع من القوم الجبناء، وقد توجد العفيفة المحصنة في القوم الذين لا يأبهون لميل نسائهم وانحراف رجالهم وعلى كل حال فالنظر في الأصول أمر دقيق جليل، ولا يجوز أن نأخذه على وجه العصبية والجاهلية وإنما يجب أن نأخذه على الأمر بحسن الاختيار، فبعض الشعوب وبعض القبائل يرفعون أنفسهم ويتعصبون لها على وجه التعصب والجهل والجاهلية ويمنعون أنفسهم ونساءهم من زواج الآخرين على زعم أنهم خير منهم وقد يكون عند الآخرين من الصفات النفسية والخلقية الطيبة ما ليس عند أولئك.
    فنظرنا نحو الأصل يجب أن يكون هو النظر نحو (الخامة) والمعدن: الخامة التي تتوافر فيها الصفات الإنسانية الطيبة. باختصار يجب أن يبحث الرجل عن المرأة (الإنسان) ويجب أن تبحث المرأة عن الرجل (الإنسان). انظر عندما خطب أبو طلحة وهو مشرك كافر امرأة من المسلمين هي أم سليم قالت له: (يا أبا طلحة والله ما مثلك يرد ولكنك امرؤ كافر وأنا امرأة مسلمة ولا تحل لي فإن تسلم فهو مهري!!). فقول هذه المرأة الفقيهة: (والله ما مثلك يرد) معناه أن الرجل فيه الصفات الإنسانية التي تطمح المرأة في وجودها في الرجل ولكن منعها من الموافقة كفر. باختصار ليكون بحثنا أولاً عن الإنسان.
    ثانياً: الدين:
    الدين هو المنهاج الرباني الذي أنزل ليجعل من الإنسان إنساناً كاملاً في صفاته وأخلاقه وليجعل معاملته وتصرفاته في هذه الدنيا على أكمل الوجوه التي تحقق العدل والسعادة، وهذا الدين إذا التقى مع المعدن الإنساني الطيب ووافق القبول صنع الأعاجيب ولكنه إذا صادف المعدن الهش المغشوش صنع في صاحبه بالقدر الذي يحتمله ويطيقه إذا توفر القبول أيضاً.
    والتدين الحقيقي شيء خفي لأن حقيقة الدين تتعلق بالقلوب أعظم مما تعلق بالظواهر دلالات وعلامات على الدين ولكنها ليست دلالات ظنية فليس كل من أعفى لحيته، وقص شاربه، ووقف في صفوف الصلاة مع المسلمين كان متديناً مؤمناً بل هذه ظواهر قد تدل على هذا وقد يكون هذا نوعاً من النفاق والمجاراة والاعتياد لا يغني قليلاً أو كثيراً في حقيقة الدين.
    وكذلك بالنسبة للمرأة أيضاً فمع أن الحجاب فريضة إسلامية وظاهره يدل على الصلاح والدين والفقه إلا أنه ليس دليلاً قطعياً على ذلك ولكنه ظاهر فقط قد يكون نوعاً من النفاق والمجاراة والعادة أيضاً. والذي نعنيه هنا في اختيار الزوج الصالح والزوجة الصالحة البحث عن الدين الحقيقي أو كما قلنا آنفاً الدين الحقيقي لا يعمل على وجه القطع ولكن بغلبة الظن، وأداء الشعائر والحفاظ عليها قرائن ظاهرية إذ ضممنا بعضها إلى بعض قد نحصل على نتيجة حقيقية. وهذا أقوله حتى لا يتعثر بعض الشباب بالقشرة الخارجية لبعض الفتيات، ولا تتعثر أيضاً بعض الفتيات الطيبات الصالحات بالقشور الخارجية لبعض الرجال.
    ولذلك كان سؤال عمر بن الخطاب عن الرجال هو التعامل بالدينار والدرهم. فقد سأل رجلاً فقال: هل تعرف فلاناً؟ قال: نعم. قال: هل عاملته بالدينار والدرهم؟ قال: لا. قال: إذن لا تعرفه. فمعرفة الدين الحقيقي لا يكون إلا بالمواقف والتعامل ومن أحرج المواقف التي تظهر الرجال المعاملة بالدينار والدرهم لأن النفوس مجبولة على حب المال فإذا تغلب الدين ومراقبة الله على النفس في هذه القضية دل هذا على وجود الدين. ولذلك يجب علينا في البحث عن الزواج أن نبحث عن حقيقة الدين وأن نأخذ من مجموع التصرفات والمعاملات هدايا ومرشدا إلى معرفة دين الرجل والمرأة.
    ثالثاً: الحب:
    يعلق كثير من راغبي الزواج أهمية بالغة على وجود الحب قبل الزواج. ويجعله بعضهم شرطاً أساسياً للزواج الناجح ويصمون الزواج الذي يعقد قبل الحب، بالفشل. وهذا الكلام يصدر عن هوى أو عن جهل بحقائق الزواج، وطبيعة الحياة بين الرجل والمرأة.
    ويختلف مفهوم الناس لكلمة الحب اختلافاً كبيراً فبينما تصدق هذه الكلمة على ميل القلب الفطري والغريزي والمكتسب نحو شيء ما كحب الأبناء لآبائهم والعكس وميل الرجل الغريزي نحو المرأة والعكس، وكذلك على ميل الإنسان لبعض المحبوبات من المطعومات والملبوسات والمرئيات. أقول بينما تطلق اللفظة في اللغة على ميل القلب وراحته إلى شيء ما فإن هذه اللفظة تستعمل خطأ على الممارسات (الجنسية) خاصة بين الرجل والمرأة وخاصة في مجال العلاقات الآثمة وهذا منتهى الإفساد لهذه الكلمة الطيبة والتبديل لمعناها، فالاسم الصحيح للعلاقات الآثمة هو الزنا والبغاء. ووضع الكلمات الطاهرة الطيبة على المعاني الفاسدة يفسد اللغة والذوق وكذلك يهدم الدين والأخلاق ولذلك فإننا نرى أنه لا يجوز استعمال هذه اللفظة (الحب) إلا في معناها الصحيح.
    والذين يسعون قبل عقد العقد الشرعي، والخطبة الشرعية إلى الحصول على الحب بمعناه الفاسد إنما يكتبون بأيديهم فساد حياتهم الزوجية ويهدمون أهم عامل من عوامل الحب الحقيقي بين الزوجين وهو الوفاء والإخلاص (وقد تكلمنا عن هذا مفصلاً في بحث البكارة).
    ولا يتصور وجود الوفاء والإخلاص إلا بالطهارة والاستقامة الخلقية قبل الزواج وبعده.
    بخلاف ذلك فالمرأة تسعد وتحب أن تكون مأخوذة ومحبوبة والرجل يجد سعادة فائقة إذا كان عند زوجته هو الرجل الوحيد في الدنيا، وأنه لا رجل غيره.. وما زال ولن يزال الرجل يتألم وتجرح كبرياؤه لو مدحت امرأته رجلاً غيره أو حتى استظرفت غيره أو استحسنت منه شيئاً.. والمعرفة الواسعة للرجل بالمرأة التي يريد الزواج بها وكذلك معرفة الفتاة معرفة كاملة أو شبه كاملة بالرجل الذي تريد الزواج به يفقد الزواج أحلى قضية فيه وهو هذا الاضطراب والخوف اللذيذ من ملاقاة المجهول فبالرغم من أن الإسلام أوجب على الرجل النظر إلى المرأة قبل الزواج وجعل رضا المرأة شرطاً في صحة العقد فإن النظر والرضا لا يعني أكثر من الاطمئنان إلى (الشكل) المطلوب، ويبقى الموضوع شيئاً آخر تماماً، والذين يريدون معرفة المرأة معرفة تامة قبل الزواج إنما يفرغون الزواج من معناه الحقيقي.
    وباختصار يجب أن نفهم الحب بمعناه الحقيقي لغة وشرعاً، ويجب أن نبني البيوت على الحقائق لا على الأوهام والأماني التي يمني كل من الراغبين في الزواج بها أحدهما الآخر. ولا بأس بتاتاً أن يميل قلب رجل إلى امرأة يسمع عن صفاتها وأخلاقها وشمائلها وكذلك لا تعجب إذا أحبت امرأة رجلاً شاهدت وعلمت من صفاته وشمائله ما يدعوها إلى الزواج منه. ولكن لا يجوز بتاتاً -إذا أردنا زوجاً سليماً صحيحاً- أن تكون هناك ثمة علاقة بين رجل وامرأة يريدان الزواج أكثر من معرفة الصفات الحقيقية التي سيبني عليها الزواج، والعلاقات الآثمة التي تسبق الزواج ستكون حتماً هي العامل الأول في هدم السعادة الزوجية.
    ويحسن هنا أن نشير إلى أن عقد الزواج الشرعي وإن كان يبيح للرجل الاستمتاع الكامل بزوجته فإنه لا يحسن هذا قبل إعلان (الدخول) الشرعي لما يترتب على هذا الإعلان من حقوق شرعية لكل من الرجل والمرأة سيأتي تفصيلها في مكانها من هذا البحث إن شاء الله تعالى.
    والحب الكامل بين رجل وامرأة لا يمكن تصوره إلا بعد الزواج حيث تتاح الفرصة للمنافع المتبادلة ولترجمة الإخلاص والوفاء والتفاني في خدمة الغير إلى واقع فعلي. وأما قبل الزواج فإن الحب غالباً لا يكون إلا مجرد الميل الغريزي بين الرجل والمرأة، وقد يزيد من إشعال هذا الحب تلك الأماني الجميلة والأحلام المعسولة التي يمطر بها القادمان على الزوج أحدهما الآخر فأحلام اليقظة وبناء الآمال العريضة وإظهار التفاني والإخلاص الذي يقدمه كل من الرجل للمرأة والمرأة للرجل قبل الزواج تشعل الحب وتؤكد ميل القلب ولكن حرارة الحياة وجديتها ورتابة الحياة الزوجية وطول الألف والعشرة تهدم هذه الآمال والأحلام إذا لم يكن عند الزوجين المفهوم الصحيح لمعنى الحياة الزوجية، ولذلك يفاجأ كثيراً من الأزواج (الواقع المر) بعد دخول الحياة الزوجية ويرون تبدلاً عظيماً في أخلاق شريكة الحياة وقد يسأل كل منهما نفسه: هل هذا حقاً هو الإنسان الذي عرفته قبل الزواج؟! وذلك أنهم بنوا حياتهم على الأحلام والأماني لا على الواقع، ولذلك فالتعويل على هذه الأحلام هو من الغباء، والمجتمع المختلط قد يسر لكل من الرجل والمرأة التعرف والتقلب والصحبة والزمالة، ويسر أيضاً الخلوة الفاحشة، ولقد كانت ضريبة هذا هو النفور من الزواج وهدم الحياة الزوجية الحقيقية ففي الإحصائيات التي أخذت على طلاب بعض الجامعات ثبت أن أكثر من 90 بالمائة منهم لا يفكرون بتاتاً في زواج زميلة له في الجامعة وذلك أن الاختلاط الكامل بين الطلاب أفقد المرأة أخص صفاتها وأحظاها عند الرجل وهو شعور الرجل أنه قد فاز بشيء عزيز مكنون. ومهما قيل عن هذا الشعور بأنه بدائي أو أنه شعور بالامتلاك والمرأة ليست سلعة و.. و.. الخ. فإن الحقيقة أن الرجل بفطرته ما زال يشترط في المرأة أن تكون متاعاً خاصاً به وحده وأن تكون خالصة له من دون الناس.
    رابعاً: المال والغنى:
    من الصفات التي لا غنى عنها مطلقاً، ولا اختلاف عليها بين الناس هو اشتراط الغنى في المتقدم للزواج، وأقل الغنى هو الكفاف والقيام بواجبات الزوجية. وقد فسر العلماء حديث الرسول: [يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج..] الحديث. أن المقصود بالباءة هو نفقات الزواج وإمكان إعاشة الرجل للمرأة. والإسلام يشترط في صحة عقد النكاح واستمرار قدرة الرجل على الإنفاق.
    ولكن الناس ينظرون في الرجل الآن إلى كثرة المال لا مجرد الكفاف والغنى عن الناس وذلك بعد تعاظم الحياة المادية، وانفتاح الأساليب المذهلة للاستمتاع بالحياة واقتناء الزينة التي لا تقف عند حد في أثمانها أو أشكالها.. والمسلمون فقط من يسألون عن طالب الزواج الغني كيف اكتسب ماله؟.
    وذلك بعد أن فسدت وسائل الكسب في العصر الراهن وأصبحت المقامرات والرياء وبيع الأعراض والذمم والرشاوي من أعظم وسائل الكسب في هذه الجاهلية الحديثة. ولا شك أن كل فتاة تريد السعادة الحقيقية يجب أن تعلم من أين اكتسب المتقدم للزواج بها ماله. فالرجل الشريف العفيف نظيف اليد هو أولى الناس بأن يؤسس بيتاً قائماً على الاستقرار والسعادة، وأصحاب الدخول والأموال القذرة يتعاملون مع زوجاتهم بنفس تعاملهم مع الدينار والدرهم ويقدرونهم بقدر منافعهم المادية فقط. باختصار تصبح المرأة عندهم كالسلعة تماماً. تفقد قيمتها بالقدم (وبروز الموديل الجديد) وبنضوب المنافع المادية وقد كان من علامات الشرف (علو المكانة والمنزلة) في الجاهلية القديمة الكسب.
    وذلك أن المتكسب المكافح العامل لا يقارن مطلقاً مع العاجز الكسول العالة على غيره. ولذلك كان من أقسى أنواع الذم في الجاهلية هذا السب:
    دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
    أي المطعوم المكسو. وقد أتلفت الحياة الحاضرة قيمة الإنسان الحقيقية وذلك بالتوظيف الحكومي. فالوظائف الحكومية الهرمية والتي يراعي فيها كثيراً الغش والنفاق والمحسوبية، رفعت أناساً يستحقون الوضع، ووضعت أناساً يستحقون الرفعة، وأصبحت السمة الغالبة أن نرى كل إنسان في غير موضعه بل لا نكاد أن نرى إنساناً في موضعه الصحيح من هذا الهرم الوظيفي المغشوش.
    ولذلك فالتعويل على معرفة القيمة الحقيقية للإنسان من خلال الحسب والمال أصبحت لاغية تماماً في عصر اختلطت فيه موازين الكسب والتوظيف، ومع ذلك لن نعدم أيضاً التقييم الحقيقي للرجال الذين يلتزمون بالعفاف وطهارة اليد.
    وليس اشتراط الغنى بالنسبة للمرأة مطلوباً على النحو الذي يطالب به الرجل وخاصة في المجتمعات التي يستطيع الرجال أن يكسبوا ما يكفيهم بسهولة ويسر، ولكن في المجتمعات الفقيرة، حيث يصبح عمل المرأة وكسبها ومالها جزءاً أساسياً للمعيشة أصبحت المرأة مطالبة بالمشاركة والمساهمة اللازمة في نفقات العيش.. وهذا من أعظم فساد الحياة ومن أعظم البلاء الذي وفد إلينا من الحضارة الغربية المادية، وبذلك أصبح أمام المرأة عبئان: عبء الحمل والولادة وتربية الأولاد والعناية بشئون المنزل، وعبء الخروج للتكسب والإنفاق. والعجيب أن الذين يؤيدون خروج المرأة للعمل خارج البيت ليسوا قطعاً من الأمهات الذين لهم بيوت آمنة مستقرة وأولاد وإنما هم في جميع بقاع العالم إما أن يكن زوجات فاشلات أو عوانس مغبونات، وأما الأمهات الحقيقيات والزوجات الناجحات في كل بقاع العالم فيصرخن بأعلى أصواتهن أنه من الظلم للمرأة أن تطالب بوظيفتين وظيفة الفطرة (الحمل والإرضاع والتربية) ووظيفة المجتمع الظالم والقوانين الجائرة (المساهمة في نفقات الأسرة وما يسمى ببناء المجتمع الاقتصادي) وبالطبع فالرجال الذين لا يتسمون بالإنصاف والخلق يجادلون في خروج المرأة للعمل لمرض قلوبهم وإرضاء شهواتهم لا لنفع المرأة ونهضة المجتمع.
    ولكن المشكلة الحقيقية في كل ذلك أن المجتمعات التي قطعت شوطاً بعيداً وراء الحضارة المادية قد جعلت خروج المرأة للعمل ضرورة حتمية أمام من يريد الزواج وذلك أن نفقات السكن والمعيشة لا يكفي لها راتب الزوج في المعتاد، وبذلك أصبح الشاب في خيار أن يستمر بلا زواج سنوات طويلة أو يعيش بما لا يتلاءم مع وضعه الاجتماعي والأخلاقي ويتزوج أو أن يتزوج من امرأة عاملة أو موظفة.
    والذين يغامرون أو يغرون ويتزوجون من امرأة موظفة أو عاملة فهم يغامرون بسعادتهم واستقرار أسرهم، فالمرأة التي تدفع من راتبها على زوجها وأولادها لا يمكن أن تكون زوجة كاملة مطلقاً اللهم إلا إذا تحلت بأخلاق هائلة من الكرم وضبط النفس وعدم المن بالفضل، وهي صفات نادرة جداً في هذه الأيام. وعلى كل حال ليعلم الرجال الذين يمدون أيديهم لزوجاتهم أن هذا يجب أن يكون عن طيب نفس تماماً، وليحذر أن يكون هذا وسيلة من وسائل الاستذلال مستقبلاً. وقد عرفت عشرات الحالات لإخوان وأصدقاء كثيرين فشلت حياتهم الزوجية بسبب عمل وكسب زوجاتهم. هذا عدا المتاعب الهائلة التي تسببها امرأة عاملة منهكة لزوجها وأسرتها وذلك بما تلقيه في بيتها من هموم العمل ومتاعبه ومشكلاته. ولا يمكن أن نتصور بتاتاً كيف يمكن أن يكون هناك أسرة سعيدة حقاً في ظلال امرأة عاملة منهكة.
    وأما الغنى الوراثي أو الذي حازته بغير طريق العمل اليومي فهو من المغريات لكثير من الرجال الذين يريدون الثروة السهلة الميسرة.. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك من أسباب طمع الرجال في النساء كما قال: [تنكح المرأة لأربع]، وعد من ذلك المال فيجب أن نعلم أيضاً أن هذا المال لا يجوز أن يكون مسوغاً للزواج بالمرأة إلا إذا كان في يد امرأة عفيفة كريمة النفس تنفق منه على بيتها ولا تمن بإنفاقها. هذا إذا كان الرجل راغباً في الزواج بالمرأة الغنية لا لأجل مالها فقط. أما إذا كان لا رغبة له إلا المال فقط وقد عبر إلى هذا المال بطريق الزواج فهذا شأن آخر. وما أظن أن عقد الزواج بهذه النية يكون صحيحاً مشروعاً، ولعل هذا أشبه بالنصب والاحتيال. وتحتاج المرأة الغنية أيضاً التي تريد الزواج إلى أن تتريث طويلاً في قبول المتقدم لها حتى تتحقق أنه يريد من الزواج أموراً أخرى غير ثروتها وغناها.
    خامساً: الأخلاق:
    عرفنا أننا يجب أن نبحث قبل الزواج عن (المعدن) النقي للإنسان وهذا المعدن صناعة إلهية ليست كسبية كما جاء في الحديث الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لزيد الخير: [إن فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله الحلم والأناة]، قال: يا رسول الله خصلتان جبلت عليهما أم تخلقت بهما؟ قال: [بل جبلت عليهما..] الحديث. وهذا يعني أن هذا الصحابي قد خلق حليماً متأنياً قبل أن يكون مسلماً وهذه المعادن البشرية تتفاوت نقاوة وجودة. ثم الدين وعرفنا أن المقصود بالدين حقيقة الدين لا ظاهره فقط والدين عاصم من الظلم والانحراف ومقيم للزوجين -إن أقاماه- على سنن الخير والسعادة والصلاح.
    وإذا اجتمعت هاتان الصفتان في رجل أو امرأة صنعت الأعاجيب فنقاوة المعدن إذا صادفت فقه الدين وتشربت أحكامه أخرج هذا ثماراً طيبة من الخلق الكامل والعفة والطهارة والاتزان والصدق والوفاء والتفاني في خدمة الآخرين والاعتراف بالجميل. وهذه الصفات كلها صفات لازمة ضرورية في الزوجين لكل زواج ناجح، وذلك أن الشذوذ والانحراف أو التقلب والتذبذب أو الجحود ونكران الجميل أو الكذب أو التعالي.. واحدة من هذه الصفات في أحد الزوجين كافية لهدم السعادة الزوجية ومورثة للشقاء والهموم، ونحن نكشف عن طبيعة معدن الإنسان (رجلاً كان أو امرأة) وطبيعة دينه بمعرفة هذه الأخلاق؛ فالأخلاق الطيبة هي نتاج طيب للمعدن الطيب والدين الصحيح السليم، وأما الأخلاق الخبيثة فهي أيضاً نتاج خبيث للمعدن الخبيث والدين الكاذب أو الدين الباطل. ولهذا قال تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة، والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك}. فعلى تفسير النكاح هنا بالزواج يكون المعنى لا يرغب في الزواج ممن اشتهرت بالزنا إلا مثيلها في هذا الخلق الذميم أو مشرك لا يقيم وزناً للأخلاق، وكذلك العكس لا ترغب المرأة في الزواج من رجل اشتهر بالفسق والفجور إلا أن تكون على شاكلته أو تكون مشركة لا دين يردعها عن مثل هذا النكاح. وأعم من هذه الآية قوله تعالى: {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات}. والآية على تفسير الطيبات والخبيثات بالزوجات، وعلى تفسير الطيبين والخبيثين بالأزواج، والخبث والطيبة هنا أوصاف للأخلاق الذميمة والطيبة وهذه الأخلاق كما أسلفنا القول ثمار للمعدن والدين.
    سادساً: الجمال:
    الجمال هو الصفة التي يبحث عنها كل من الرجل والمرأة عند الآخر. وهذه الصفة الظاهرية لها أثر عجيب في دوام العشرة وبقاء الألفة وبالرغم من أن الإنسان من حيث هو إنسان مخلوق في أحسن تقويم فإن التفاضل بين البشر في هذه الصفة متفاوت لدرجة كبيرة جداً.
    ومع أن الناس أيضاً يتفقون على خطوط رئيسية للجمال إلا أنهم يختلفون أيضاً في الحكم على تفصيلاته وتفريعاته ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل]. وترك النبي صلوات الله وسلامه عليه مسألة ما يدعو الرجل إلى الزواج من امرأة متروكاً إلى الشخص.
    ولقد شدد النبي في هذه الناحية أعني اشتراط الجمال أو على الأقل اشتراط القبول لشكل المرأة ووجهها فقد جاء في الحديث الصحيح أن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه خطب امرأة من الأنصار فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: [هل نظرت إليها؟] قال: لا. قال: [اذهب فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما]. وهذا أمر يقتضي الوجوب في الحديث الآخر إذا خطب أحدكم امرأة فلينظر إليها ومعلوم أن النظر هنا بحث عن الجمال والشكل. وليس عيباً ولا منافيا للدين والخلق والإحسان أن يرغب رجل عن زواج امرأة لأنها دميمة فقد جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: إني أهب لك نفسي فرفع إليها نظره ثم ألقاه إلى الأرض وسكت ورغب النبي عن نكاحها لأنها لم تكن جميلة.. حتى أنه قام صحابي بجوار النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها.. فزوجه النبي صلى الله عليه وسلم إياها على أن يعلمها سوراً من القرآن وكذلك ليس منافياً للدين والإحسان والخلق الكامل أن يشاهد رجل امرأة جميلة فيرغب في الزواج منها لذلك، وقد فعل هذا سيد البشر صلوات الله وسلامه عليه فما تزوج جويرية بنت الحارث رضي الله عنها إلا لملاحتها وجمالها بعد أن رآها في السبي وكان زواجه منها خيراً عميماً على أهلها جميعاً. وما يريده الرجل في المرآة تريده أيضاً المرأة في الرجل وإن كانت المرأة بوجه عام مطلوبة لا طالبة إلا أنها أيضاً تنتظر أن يتقدم إليها الوسيم الجميل ولا ينافي الخلق الطيب والاستقامة للمرأة المسلمة أن ترفض رجلاً ليس بجميل وإن كان على دين وخلق، وقد فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قيس بن شماس وزوجته لأنها كرهته لدمامته، وكذلك لا ينافي تقواها ودينها أن تطلب وترجو أن يتقدم إليها الوسيم الجميل.
    وهذا الذي قدمنا بأدلته نسوقه للذين يظنون أن الدين لا يقيم اعتباراً لهذه القضية التي يظنونها من نتاج الفكر المادي وأهل الشهوات والدنيا. وهذا الفهم فهم خاطئ سخيف لأحكام الدين في هذه القضية.
    ومع ذلك يجب علينا أن نضع قضية الجمال مكانها من حيث مجموع الصفات المثالية التي يبحث عن توفرها في الزوج الصالح والزوجة الصالحة، فالجمال حقاً شكل وظاهر ومع ذلك فهو مراد ومطلوب ومحبوب ومرغوب ديناً وطبعاً وإن كان الجمال في ذاته صفة وهبية من الخالق سبحانه وتعالى ولا كسب للإنسان غالباً فيه ولكننا أيضاً شرعاً وديناً في حرية وإباحة للتخير والمفاضلة وهذا من رحمة الله وتوفيقه. ولكن المنهي عنه شرعاً أن تغلب هذا الظاهر على الجوهر الأساسي للإنسان من الأصل والدين. بل يجب علينا أن نضع الجمال في المستوى والحد اللائق به والمتناسب مع الصفات العامة التي يجب علينا مراعاتها في اختيار شريك الحياة.
    سابعاً: البكارة:
    البكارة من (الصفات) المحببة في الزواج لدى الرجل والمرأة (يقال رجل بكر وامرأة بكر أي لم يسبق لهما زواج). وهذه الحالة نسميها صفة تجاوزاً. وقد جاء على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم الحض على زواج البكر كما في حديث جابر في الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم سأله ماذا تزوجت قال: ثيباً يا رسول الله (والثيب هي المرأة التي سبق لها زواج) فقال له الرسول: [هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك].
    وفي الحديث التعليل لزواج البكر بأنه للملاعبة والسبب أن البكر التي لم يسبق لها زواج تتفتح طاقاتها النفسية والعاطفية والجسدية على لقائها الأول مع الرجل سواء كان لقاء شرعياً أم سفاحاً، وشتان بين ما يخلقه لقاء النكاح ولقاء السفاح. فلقاء النكاح يورث الحب والألفة والتراحم ولقاء السفاح يورث البغضاء والندم والشعور بالإثم والألم من مواجهة المستقبل ويعرض المرأة إلى الاستذلال سواء تزوجت برجل آخر أو تزوجت بمن واقعها سفاحاً. وقد كان فعل الرب حازماً مع المرأة إذ جعل غشاء البكارة خاتماً ودليلاً على الطهارة والعفة وذلك أن رحم المرأة هو مستقر الولد، وأولاد السفاح من أعظم الفساد في الأرض.
    والفلسفات المادية والحديثة والدراسات النفسية وخاصة المنحى (الفرويد) قد هون من شأن العلاقات الجنسية بين الرجل والمرأة زاعماً أنه ينبغي أن ينظر إليه كالنظر إلى الطعام والشراب وأنه لا يجوز أن نحيطه بسياج الأخلاق والدين والتقاليد والعادات التي تحدد من إشباع الإنسان في هذه الناحية. وزاعماً أيضاً أن الجنس هي الغريزة التي يدور الوجود كله عليها فالسموات والأرض والبشر ما خلقوا إلا لممارسة الجنس وإذا كان هذا هو غاية خلقهم فلا يجوز أن توضع حدود وعقبات أمام هذه الغاية. هذه هي خلاصة العقيدة الفرويدية التي صبغت وجه الحضارة الحديثة وكان لها أعظم الأثر في الثورة الجنسية التي يعيشها العالم في هذا العصر الراهن. وبالرغم من هذه الفلسفة الخائنة المغلوطة فإن الانحراف ما زال في جميع المجتمعات على السواء ينظر إليه باحتقار وازدراء حتى تلك المجتمعات المادية التي تركت الدين منذ مدة طويلة؛ وذلك أن نداء الفطرة ما زال يأبى هذا الانحراف ونحن -المسلمين- الذين لم تتدنس نفوسنا بعد، وما زال الدين حياً في نفوسنا يدعونا إلى الاستقامة والعفة، نمجد الفضيلة والعفاف ونزدري السقوط والانحراف.
    المهم أن البكارة شيء محبب وصفة من الصفات التي يحرص عليها اللهم إلا إذا كانت هناك مصالح في الزواج ترجح صفة أخرى كما أقر رسول الله جابراً الذي تزوج ثيباً عندما قال: إن أبي قتل شهيداً في أحد وترك تسع بنات فلم أرد أن أضيف إليهن واحدة مثلهن وإنما أحببت أن أتزوج ثيباً تقوم عليهن وتمشطهن. فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: [فنعم إذن]. والشاهد أن المرأة البكر أحظى لدى زوج يريد امرأة تبحث عن كنف ومرشد ورجل قوام عليها وهذه الحاجة الفطرية في المرأة عموماً ولكنها في البكر أشد.
    ويبدو أن هذه القضية عكسية تماماً في الرجل البكر فهو أشد مراساً وأقسى طباعاً في معاملة زوجته وإن كان أحلى عشرة وأبهج حياة. وأما الرجل الثيب فإنه أطوع للمرأة وأضعف أمام رغباتها ولكنه مع ذلك أنكد عشرة وخاصة كلما تقدمت به السن وعلاه الشيب ولا يظنن ظان أن الضعف والطواعية للمرأة من أسباب سعادتها ولكنه في الحقيقة من أسباب شقائها وتعاستها. وهذا من قوانين الفطرة الصارمة التي لا تتخلف.
    فالواجب علينا إذن أن نضع هذه الصفة (البكارة) في مكانها الصحيح أيضاً من الصفات المثالية التي ننشدها في الرجل والمرأة ولتعلم الفتاة أن مستقبل حياتها الزوجية مرهون بالمحافظة على الخاتم الذي وضعه الخالق البارئ. وأن التفريط في هذا الشيء العزيز الذي لا يرتق هو بمثابة خسارة لا تعوض. وإذا كان على المرأة أن تبحث عن الرجل البكر أيضاً فيجب أن يكون أيضاً بحيث يصلح مرشداً وهادياً وقواماً ولذلك فزواج الأقران (الذين في سن واحدة) من أفشل الزواج لأن الأسرة لا ينتظم أمرها إذا كان الزوجان ندين. وقانون الفطرة أن تسعد المرأة فيمن تجد عنده مع الحب والحنان والعطف والرعاية والقوامة والرجولة.
    فالقوامة والرجولة صفتان أساسيتان لزواج سليم. (وسيأتي إن شاء الله تفصيل كامل لمعنى القوامة). وكذلك على الذين يتزوجون امرأة ثيباً ألا يتعلقوا بمستقبل وهمي من التطبع والامتاع النفسي والجسدي الذي يوجد لدى الأبكار وأن يعلق أمله فقط بالمنافع الممكنة من هذا الزواج وليس بالمنافع المستحيلة. وكذلك يستحسن أن تنصرف الفتاة عن زواج قرنها ومساويها في السن ما أمكن إلا أن تكون على استعداد للتنازل أحياناً عن فهمها وعلمها ورأيها مع تحققها أنه صواب حفاظاً على حياتها الزوجية. وأما اللاتي يقدمن للزواج من كبار السن من الرجال فيجب عليهن أيضاً أن تعرف الممكن الذي يستطيع الرجل أن يقدمه للمرأة من مال ومتاع ونحوه أو من فضائل أخروية كأن تقبل الزواج برجل كبير احتساباً لله لخدمته ورحمة لشيخوخته، وكما يفعل من يتزوج امرأة ليرعى عيالها أو يؤنس وحدتها ووحشتها، فليس الزواج للمنافع المادية الدنيوية فقط. لكنه أيضاً مجال واسع للمنافع الأخروية وطلب الحسنات والثواب والأجر من الله سبحانه وتعالى. والمهم أن الإنسان إذا عرف هدفه وغايته ولم يطالب بالمستحيل استراح وأراح وإنما إذا تعلق بالأوهام وطالب بالمستحيل وأقدم على الأمور بجهل عواقبها خاب أمله وضل سعيه.
    ثامناً: الشرف والحسب:
    جاء في الحديث الصحيح أن الحسب أحد الأسباب التي تغري الرجال بالزواج من النساء. والحسيبة هي المرأة الشريفة ذات المكانة والمنزلة، والشرف هنا يعني العلو والرفعة (ويستعمل الشرف عرفاً الآن بمعنى العفة وهو استعمال غير سليم) ولا يلزم من وجود الحسب وجود المال والغنى فالشرف والحسب يعني الشهرة والرفعة والسيادة وكان الناس وخاصة في جاهلية العرب يشتهرون ويبلغون أعظم منازل الشرف ولا مال لهم وإنما لكرم أصولهم وكريم شمائلهم وأخلاقهم. فحاتم الطائي مثلاً كان سيداً في قومه. ولم يكن غنياً، وبنو هاشم كانوا في القمة من أقوامهم شرفاً وحسباً ولم يكونوا أغنياء بمعنى الثراء والمال وكانت العرب تقدس الأخلاق وتعتني بالأصول القبلية ولا تقيس شرف الناس إلا بذلك، ولقد تغيرت هذه الموازين في جاهليتنا الحديثة وأصبح المال والثراء والمركز الوظيفي هي مقومات الشرف والمكانة وإليها ينسب الحسب في الوقت الراهن. وأما العناية بالأصول والقبائل فما زال معمولاً بها في البوادي أو القبائل التي تحضرت حديثاً، وكلما أوغل المجتمع في التحضر الحديث هدمت هذه الأعراف والتقاليد. وقد ناقشنا في البند السابق النظرة الصحيحة للثراء والغنى وما منزلة ذلك في زوج سعيد مثالي وعليه فالحسب الآن مرتبط بالنظرة إلى المال والمركز الوظيفي.
    وأما الأعراف البدوية أو المتحضرة حديثاً فبالرغم من أنها امتداد لأعراف الجاهلية القديمة إلا أن هناك جوانب من الحق في هذه الأعراف والتقاليد لا ينبغي أن نساعد على محوها فبعض القبائل فقدت سمتها وباءت بالعار لدى القبائل لما كانت تمارسه من دعارة وسقوط خلقي وانحراف، وكان الامتناع عن الزواج والمصاهرة بهذه الأصول فيها جانب من جوانب الحق، كما أن قبائل (النَوَر والغَجَر) الطوافة لا يخفى على مطلع الأساليب التي كانت تتكسب بها من الدعارة والعرافة والسرقة ونحو ذلك، وكان وما زال الامتناع عن المصاهرة بهذه الأصول شيئاً مقرراً في الشريعة، وإن كانت وسائل الإعلام في بعض الدول تعمل جاهدة الآن على محو هذه التقاليد وهذا لإفساح المجال نهائياً أمام الانحراف.
    والإسلام وإن جاء يدعو الناس إلى أن أصلهم واحد وأنه لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى إلا أنه أخبر أيضاً بالأمر بالتنافس في الفضائل والبعد عن الرذائل والتقوى التي جاء الإسلام بالأمر بتحصيلها لا تحصل إلا إذا رافق الدين طبعاً نقياً، ونفساً صافية وخلقاً مساعداً وعلى كل حال ينبغي أن نضع الأحساب في موضعها الصحيح فالحسب والشرف بالمعنى الصحيح ينبغي أن يكون هو المعدن الطيب والخلق الكريم والدين (وقد ناقشنا هذا فيما سبق) وأما الشهرة التي انبنت على شيء آخر فهي بما لا يقيد به في الحسب والشرف.
    والمرأة الحسيبة إذا لم يكن لها من الدين والخلق ما يعصمها عن التعالي على زوجها فإن ذلك سيؤدي حتماً إلى النشوز أو التبعية وانهيار دور الرجل في بيته وكلاهما مدمر للحياة الاجتماعية. فالمرأة المتعالية عن زوجها (الناشز) لا يمكن أن يوصف زواجها بأنه ناجح أو أنها سعيدة. وكذلك المرأة التي تملك رجلاً قد تخلى عن دوره في منزله من حيث القوامة والرجولة لا يمكن أن تعيش سعيدة أيضاً وأشقى الرجال من يعيش مع امرأة متعالية عليه وغير راضي بذلك وكذلك من يعيش مع امرأة متعالية عليه وهو راض بذلك.
    والرجل الحسيب لا شك أنه أحظى لدى المرأة وأحب إليها من رجل عاطل عن ذلك، ولكن هذا الحسب إذا لم يزينه الخلق الكريم والدين الصحيح فإنه ينقلب إلى إذلال للمرأة وتعالٍ عليها وذلك إذا لم تسامه شرفاً ومكانة. والنفوس في تطبعها بطابع الإسلام وتخلقها بأخلاقه ليست سواء ولذلك رأينا كيف رفضت زينب بنت حجة رضي الله عنها الزواج بأسامة وتزوجته كارهة ثم ضايقته حتى طلقها وما ذلك إلا لنفاستها عليه ونزول مكانته عندها وذلك بالرغم من كونه بكراً ولم تكن كذلك وعلى كل حال فيجب أن نراعي تلك الموازين كلها الخاصة بالحسب والمنزلة الاجتماعية عندما نقدم على الزواج. والإسلام فيه حل لكل هذه المشكلات ولكن نعيد القول ثانياً ليست كل النفوس سواء في التزامها بآداب الإسلام وأخلاقه، ونحن نتعامل مع البشر وللبشر قصورهم بآداب الإسلام وأخلاقه، ونحن نتعامل مع البشر وللبشر قصورهم وعجزهم وضعفهم وتقاليدهم وأعرافهم، وبالرغم من أن الدين يجب أن يصلح كل هذه الأمور إلا أن الدين ليس ضربة لازب، في إصلاح كل النفوس في كل الأحوال وكل الظروف، ولا نستطيع أن ننفي الدين عن رجل يسرت له امرأة متدينة صالحة ولكنها دميمة فقيرة لا حسب لها فأبى الزواج منها. وكذلك لا نستطيع أن ننفي الدين عن امرأة تقدم لها رجل مسلم صالح ولكنه دميم فقير لا حسب له فقالت لا أستطيع الزواج منه. ولذلك وضعنا كل هذه الاعتبارات والصفات التي أسميناها (مثالية) في الرجل والمرأة ليعلم إخواننا الشباب والشواب كيف يختارون لأنفسهم ومتى يقبلون ومتى يرفضون.
    المدير العام
    المدير العام
    Admin


    عدد المساهمات : 104
    تاريخ التسجيل : 22/10/2009
    العمر : 46

    مقدمة: الزواج في ظل الاسلام... Empty شروط عقد النكاح...

    مُساهمة من طرف المدير العام الإثنين ديسمبر 21, 2009 1:14 am

    مفهوم العقد:
    العقد اتفاق ما بين طرفين يلتزم كل منهما تجاهه بواجبات معينة ولكل من الطرفين حقوق لدى الطرف الآخر ولكل عقد آثار تترتب عليه. فعقد البيع مثلاً يترتب على حصوله استمتاع المشتري بالسلعة، وانتفاع البائع بالثمن.
    قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود}.. الآية.
    مفهوم الشرط:
    والشرط في إصطلاح العقود ولغة التشريع هو (الشيء) الذي لا بد من وجوده لصحة العقد. فإذا انتفى بطل العقد. كما سنعلم أن التراضي مثلاً بين الزوجين شرط لصحة العقد.. وكما نقول الوضوء شرط لصحة الصلاة.
    مجمل شرط عقد النكاح:
    نستطيع أن نجمل شروط عقد النكاح فيما يأتي: التراضي - الولي (للمرأة فقط) - والشهادة - والمهر - والعفة (الإحصان) - والكفاءة.. والصيغة الدالة على النكاح وهذه شروط سبعة وإليك تفصيلها وبيانها:
    أولاً: التراضي:
    عقد الزواج اختياري ولا يجوز فيه الإكراه بوجه من الوجوه وذلك أنه يتعلق بحياة الزوجين (الرجل والمرأة) ومستقبلهما وأولادهما ولذلك فلا يجوز أن يدخل طرف من طرفي العقد مكرهاً. أما بالنسبة للرجل فهذا مما لا خلاف فيه. وأما بالنسبة للمرأة فالأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: [الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها]. رواه الجماعة إلا البخاري عن ابن عباس. وفي رواية لأبي هريرة: [لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا البكر حتى تستأذن]. قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: [أن تسكت] رواه الجماعة.
    وعن عائشة قالت يا رسول الله: تستأمر النساء في أبضاعهن، قال: [نعم]، قلت: إن البكر تستأذن وتستحي. قال: [إذنها صماتها]. (رواه البخاري ومسلم).
    وهذه الأدلة جميعها نص في أنه لا سبيل على المرأة بإجبار في النكاح ثيباً كانت أو بكراً وأن الفرق بينهما إنما هو الفرق في صورة الإذن فالثيب -عادة- لا تستحي من الكلام في الزواج، ولذلك فهي تخطب إلى نفسها أو ترضى وتأمر وليها بولاية عقد نكاحها ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: [تستأمر] أي يطلب أمرها. وأما البكر فالغالب عليها الحياء ولذلك تخطب من وليها والولي يستأذنها فإن أذنت بمقال أو بسكوت يدل على الرضا تزوجت وإلا فلا.
    ولقد خالف في هذا الحكم بعض الأئمة والفقهاء مستدلين بزواج النبي صلى الله عليه وسلم، بعائشة وهي ابنة ست سنين ولا تعي مثل هذا الإذن، ولا دليل في ذلك لاختصاص الني صلى الله عليه وسلم في الزواج بخصوصيات كثيرة كالزيادة على أربع، والزواج بغير ولي وشهود من أي امرأة تهب نفسها له لقوله تعالى: {وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين..} الآية. وهذا الزواج بعائشة على هذا النحو من جملة خصوصياته جمعاً بين الأدلة.
    واستدلوا كذلك بتفريق النبي صلى الله عليه وسلم بين البكر والثيب في الإذن وقالوا إنه يجوز إجبار البكر على الزواج، وهذا خطأ فاحش لأن التفريق إنما هو في بيان صورة الرضى والإذن فقط. ويدل على خطأ القول بإجبار البكر ما رواه ابن عباس أن جارية بكراً أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم. (رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة والدار قطني).
    وكذلك ما رواه ابن عمر قال: "توفي عثمان بن مظعون وترك ابنة له من خولة بنت حكيم بن أمية حارثة، وأوصى إلى أخيه قدامة بن مظعون، قال عبدالله: وهما خالاي. فخطب إلى قدامة بن مظعون ابنة عثمان بن مظعون فزوجنيها، ودخل المغيرة بن شعبة يعني إلى أمها فأرغبها في المال، فحطت إليه، وحطت الجارية إلى هوى أمها، فأبتا، حتى ارتفع أمرهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال قدامة بن مظعون يا رسول الله: ابنة أخي أوصى بها إلي فزوجتها ابن عمتها، فلم أقصر بها في الصلاح، ولا في الكفاءة، ولكنها امرأة وإنما حطت إلى هوى أمها. قال: فقال رسول الله: [هي يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها]. قال فانتزعت والله مني بعد أن ملكتها فزوجوها المغيرة بن شعبة. (رواه أحمد والدارقطني).
    وهذه جميعها أدلة صحيحة واضحة أنه لا يجوز الإجبار مطلقاً وخاصة مع اليتيمة التي قال الله في شأنها: {وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع..} الآية. أي إن خفتم أن لا تعدلوا عند زواج اليتيمة في المهر وغيره فاتركوها إلى غيرها. وهذا حتى تنصف المرأة وتوضع حيث تريد لا حيث يشاء من يتولى أمرها ويتسلم ولايتها.
    ثانياً: الولي:
    ولاية المرأة بنفسها عقد الزواج مستنكرة فطرة وذوقاً، ووسيلة إلى الفساد والزنا باسم النكاح، ولذلك جاء الشرع باشتراط مباشرة عقد النكاح بواسطة ولي المرأة: أبوها، أو أخوها أو الأقرب بها، فالأقرب، ولا يكون ولياً للمرأة إلا أقرب الناس الأحياء إليها فالأب أولاً ثم الأخ وهكذا..
    والأصل في اشتراط الولي قول النبي صلى الله عليه وسلم: [لا نكاح إلا بولي] وقوله: [أيما امرأة نكحت (أي تزوجت) بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له] (رواه الخمسة إلا النسائي).
    واشتراط الولي يقول فيه ابن المنذر: إنه لا يعلم مخالفاً من الصحابة له وذهب أبو حنيفة من الفقهاء إلى عدم اعتبار الولي في النكاح.
    والأحاديث السابقة ترد على هذا القول. واعتبر الإمام مالك رحمه الله الولي شرطاً في الرفيقة من النساء (ذات الشرف والمنصب) دون الوضيعة (التي تكون من ضعفة الناس وسقطهم) وهذا التفريق لا مسوغ له. بل قد يكون الاشتراط في الوضيعة ألزم منعاً للزنا والفساد..
    ثالثاً: الشاهدان:
    لا بد لصحة العقد أن يشهد عليه شاهدان عدلان، وقد جاء في هذا أحاديث لا يخلو واحد منها من مقال وضعف، ولكن عامة أهل العلم من المسلمين على العمل بذلك وبهذا أفتى ابن عباس وعلي وعمر رضي الله عنهم، ومن التابعين ابن المسيب والأوزاعي والشعبي، ومن الأئمة الأربعة أحمد والشافعي وأبوحنيفة. وهذا القول هو الموجب لحفظ الحقوق عند كل من الرجل والمرأة، وضبط العقود، ومن ألزم العقود بالضبط عقد النكاح ووقوعه بغير شهود مدعاة للفساد والتلاعب أو النسيان وضياع الحقوق ولذلك أصبح وكأنه معلوم من الدين بالضرورة ولا نرى أن يخالف في هذا أحد من أهل العلم..
    رابعاً: المهر (الصداق):
    اشتراط الشارع الحكيم لصحة عقد النكاح أن يكون هناك مهر مقدم من الرجل للمرأة. ولا يعنينا كثيراً البحث في فلسفة المهر وأنه عوض عن ماذا. ويهمنا الحكمة العظيمة منه فهو هدية للمرأة وتطييب لخاطرها، ولذلك فهو ملك لها ويجوز لها أن تتنازل عنه كله أو شيء منه لزوجها كما قال تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً} وهذه الآية قد جمعت أحكام الصداق فهو نحلة أي هدية وعطية كما نقول نحلت فلاناً كذا وكذا أي وهبته وتنازلت له. وهي نحلة واجبة للأمر الصريح بذلك في هذه الآية وقد جاء في السنة ما يقصد ذلك، وهو ملك للمرأة يجوز لها أن تتنازل لزوجها عن شيء منه ويحل لزوجها أكل ذلك دون حرج ما دام بسماح زوجته وإذنها. والنظر إلى المهر على هذا الأساس أكرم من النظر إليه على أنه ثمن لبضع المرأة، فالزواج ليس بيعاً وشراءً ولكنه رباط مقدس لاستمرار الحياة وتبادل المنافع وللتراحم والتآلف والحب، والبيع والشراء محله المشادة والغش والمناورة ولا يجوز أن يكون عقد الزواج كذلك ولذلك كان النظر إلى المهر على أنه نحلة وهدية هو الواجب لأن الهدية والعطية تكون بين الأحباب بعكس البيع والشراء.
    ولما كان المهر هدية ونحلة لم يأت في الشرع تحديد لأقله وأكثره وإنما ترك للمقدرة والأريحية وقد زوج الرسول رجلاً وامرأة من المسلمين على تعليم آيات من القرآن الكريم وذلك لما لم يكن عنده شيء يصلح أن يكون مهراً حتى أن الرسول قال له: [التمس ولو خاتماً من حديد]، فلم يجد فزوجه إياها على أن يعلمها سوراً من القرآن.
    وبالرغم من أن الشارع لم يحدد نهاية للمهور إلا أنه حبب للمسلمين الاقتصاد فيها ونهى عن المغالاة التي تؤدي إلى أوخم العواقب.
    وقد جاوز الناس في زماننا حد المعقول في المهور وأصبح ينظر إلى المهر على أنه ثمن وغنيمة وصفقة يكسب من ورائها آباء البنات وبهذا عظمت المصيبة ووضع أمام الزواج عقبة كأناء (وسنناقش هذه المشكلة على حدة في مشكلات الزواج إن شاء الله تعالى) والمهم هنا بيان أن المهر شرط في صحة عقدة النكاح وأنه حق المرأة الخالص ولا يجوز لأبيها أن يأخذ منه إلا بإذن ابنته وكذلك لا يجوز للزوج أن يسترد شيئاً من المهر إلا بسماح زوجته، وأن المهر هدية ومنحة وليس ثمناً وعوضاً كما ذكر بعض الفقهاء ذلك وأن خير المهر ما كان أيسره وفي حدود الطوق والوسع.
    خامساً: الإحصان:
    اشترط الله سبحانه وتعالى على المسلم أن لا ينكح (يتزوج) إلا العفيفة المسلمة، والعفيفة الكتابية كما قال تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة، والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين} والنكاح هنا بمعنى الزواج بدليل الحديث الآتي:
    عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن مرتد بن أبي مرتد الغنوي كان يحمل الآساري بمكة (أي يفر بهم إلى المدينة) وكان بمكة بغي يقال لها عتاق، وكانت صديقته (أي في الجاهلية) قال: فجئت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أنكح عتاقاً؟ قال: فسكت عني فنزلت {والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك} فدعاني فقرأها علي وقال: [لا تنكحها]. رواه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه.
    وكذلك الأمر في الكتابية (اليهودية والنصرانية) كما قال الله تعالى: {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم}.. الآية. وهذا نص في أنه لا يجوز إلا المحصنة المؤمنة والمحصنة الكتابية، والمحصنة هنا يعني العفيفة سميت بالمحصنة كأن بينها وبين الفاحشة حصناً يمنعها عنها.
    وهذا يعني أن المرأة المشهورة باقتراف الفاحشة أو الدعوة إليها لا يجوز لمسلم الزواج بها حتى على أمل أن تهتدي أو تتحصن بالزواج وكذلك الأمر بالنسبة للرجل الزاني المشهور بالفاحشة لا يجوز لمسلمة أن ترضى به زوجاً أو تسعى للزواج به.
    سادساً: الكفاءة:
    الكفاءة بين الزوجين شرط لصحة الزواج ومن الكفاءة أمور اعتمدها الشارع وجعلها أساساً، وأمور أخرى أهدرها الشارع، وأمور حسنها وأرشد إليها.
    فمن الأمور التي جعلها الشارع شرطاً في الكفاءة اتفاق الدين بين الرجل والمرأة وذلك أن الدين هو المعيار الأساسي الذي يقدم به البشر في ميزان الله سبحانه وتعالى ولذلك كان النظر الأول في الكفاءة إليه وكان الشرك مانعاً إذا وجد في أحد الزوجين كما قال تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم، ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه}.. الآية.
    إلا أن الله سبحانه وتعالى استثنى من هذا الحكم جواز نكاح الرجل المسلم بالكتابية يهودية كانت أو نصرانية كما قال تعالى: {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات، والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن} فعلم بهذا النص المتأخر عن آية البقرة السابقة أن الكتابية مستثناة من جملة المشركين شريطة أن تكون عفيفة (محصنة) كما قدمنا والحكمة من هذا هو استمالة أهل الديانتين للدخول في الإسلام، وقد كان لها أكبر الأثر في دخول شعوب الشام ومصر في الإسلام وذلك بزواج العرب المسلمين من نسائهم ونشأة أولادهم على الإسلام.. وليس هذا مجال تفصيل هذا الحكم وآثاره. والمهم أنه حكم ثابت بالكتاب والسنة وباق إلى يوم القيامة مع وجوب معرفة محاذيره، وهي أن لا يتحول الأبناء إلى دين الأم بسبب ضعف شخصية الزوج أو سكنه في غير بلاد المسلمين وقد أصيب المسلمون من جراء هذا بشر مستطير، ومن الأمور التي اعتبرها الشارع أيضاً في الكفاءة الحرية.
    فالعبد لا يتزوج إلا أمة مثله، وكذلك الحر لا يتزوج إلا حرة. ولكن الله استثنى من هذا أيضاً زواج الأمة المسلمة وهذا شرط بالحر المسلم إذا خشي العنت على نفسه ولم يستطع الزواج بمسلمة حرة. قال تعالى: {ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فأنكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان} ثم قال تعالى في آخر هذه الآية: {ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم} فعلم من هذه الآية جواز زواج الحر المسلم بالأمة المسلمة فقط في حالة الإعسار ولا يخفى أن علة هذا الحكم هو رفع الحرج عن بعض الذين ما كانوا يجدون ما يتزوجون به الحرائر وكذلك كره الله هذا الأمر لما فيه من اشتغال الزوجة بسيادة مالكها، واسترقاق أولادها أيضاً لأن الأولاد تبع للأم (وليس هذا مجال تفصيل هذا الحكم).
    وأما الأمة الكتابية والمجوسية فلا يجوز الزواج بها قطعاً ولذلك لما قيل للإمام أحمد إن أبا ثور يجيز ذلك قال: (هو كاسمه) أي ثور.
    وأما الأمور التي أهدرها الشارع في الكفاءة فهي المال واللون والجنس والقبيلة والمنزلة الاجتماعية فكل هذه الاعتبارات مهدرة، ولا تخدش عقد الزواج.
    وقد ناقشنا سابقاً في الصفات المثالية كيف يختار الرجل زوجته المناسبة وكيف تختار المرأة زوجها المناسب وقد اعتمدنا في هذا على ما حسنه الشارع أو أثبتته التجارب الصحيحة السليمة. وبهذا يتضح ماذا نعني باشتراط الكفاءة في عقد النكاح.
    سابعاً: الصيغة:
    اشترط بعض العلماء وجود صيغة دالة على الإيجاب والقبول في عقد النكاح ومعنى الإيجاب: طلب الزوج من المرأة أو وكيلها الزواج ومعنى القبول: رضا الزوجة بصفة تدل على ذلك أو العكس كأن تقول المرأة أو وكيلها أرضي بك زوجاً فيقول الرجل وأنا قبلت. وشط بعض العلماء فجعل العربية شرط في الصيغة وأن الزواج لا يعقد إلا باللغة العربية. وشبهتهم في هذا أنه عبادة فاشترط ما ليس في كتاب الله فالزواج معاملة فيجوز عقده بالعربية وغيرها. وكذلك هو عقد اختياري فيجوز بكل ما تتم به العقود وما يدل على الرضا بالزواج وكل لفظ يدل على الزواج الشرعي ويحصل به إيجاب وقبول بين طرفي العقد فإنه يعتبر صيغة صحيحة لأن يعقد العقد بها.
    وبهذا نكون قد أنهينا الشروط اللازمة لصيغة عقد النكاح.
    avatar


    تاريخ التسجيل : 01/01/1970

    مقدمة: الزواج في ظل الاسلام... Empty أولاً: الآثار المشتركة

    مُساهمة من طرف  السبت يناير 30, 2010 3:42 pm

    حل المعاشرة والاستمتاع:
    الأثر الأول من آثار عقد النكاح الصحيح هو حل المعاشرة والاستمتاع، ونعني بالمعاشرة الخلطة والسكنى تحت سقف واحد والحياة معاً، ونعني بالاستمتاع التلذذ البدني والنفسي لكل من الزوجين بالآخر. وهذا حق مشترك للزوجين بالآخر، وواجب أيضاً على كل طرف نحو الآخر.
    وقد جاء الإسلام بما يكفل سعادة الزوجين وإحسان معاشرة كل منهما للآخر، واستمتاعه به على أكمل وجه وأحسن صورة. فقد جاءت الآيات الكثيرة التي تأمر الرجال بإحسان معاشرة النساء، وإمساك المرأة التي يرى الرجل فيها ما يكرهه رجاء أن يبارك الله له فيها كقوله تعالى: {وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً}.. وحث النبي على حسن معاشرة النساء وأوصى بهن كثيراً كما قال صلى الله عليه وسلم: [خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي].. وقوله: [استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج. وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، وإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء]. متفق عليه، وفي حديث آخر: [لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر]. (رواه أحمد ومسلم)، والفرك هو الكراهية.. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خير مثال على حسن المعاشرة وطيب الخلق. وجاءت الأوامر الكثيرة في القرآن والسنة أيضاً للمرأة كقوله تعالى: {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله}. والقنوت هنا فسره العلماء بطاعة الزوج.
    هذا في المعاشرة والطاعة والعطف والحنان والحب وأما في الاستمتاع البدني فهدى الإسلام في هذا أحسن هدى، فقد جاء في الأمر العام بالاستمتاع بالنساء على أي كيفية كما قال تعالى: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين}. غير أن الله سبحانه وتعالى نهى عن إتيان النساء وقت الحيض لما في هذا من الأذى والضرر على الزوجين كليهما وليس هذا مجال تفصيل ذلك كما قال تعالى: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض}. ولقد جاءت السنة الصحيحة بجواز الاستمتاع بالحائض في غير مكان الحيض، وجاءت السنة والآثار الصحيحة أيضاً بحرمة إتيان النساء في أدبارهن. وهذا من كمال الإسلام وطهارته.
    كما جاءت السنة أيضاً بآداب تجعل المباضعة عبادة يتقرب بها إلى الله كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: [وفي بضع أحدكم صدقة].. قالوا يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: [أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه فيها وزر وكذلك إذا وضعها في الحلال كان له فيها أجر]. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم معلماً ومؤدباً: [لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإن قدر بينهما في ذلك ولد لن يضر ذلك الولد الشيطان أبداً] (رواه الجماعة إلا النسائي).
    هذا وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن إفشاء أسرار الجماع ونشر أخباره وهذا من كمال الأدب والأخلاق كما قال صلى الله عليه وسلم: [إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه: ثم ينشر سرها]. (رواه أحمد ومسلم)، وأخبر صلى الله عليه وسلم في حديث آخر إن مثل هذا كمثل شيطان وشيطانة لقي أحدهما بالسكة (الطريق) فقضى حاجته منها والناس ينظرون إليه، وهذا معناه أن الخبر في أمر النكاح كالعيان.
    وبهذه الأخلاق والآداب يرسي الإسلام قواعده النظيفة الكاملة، في أول أثر من عقد النكاح وهو المعاشرة وحل الاستمتاع.
    وهذا مما تجدر الإشارة إليه أنه لم يصح شيء عن تحريم نظر الرجل إلى أي جزء في امرأته ولا المرأة كذلك، هذا ولم يصح أيضاً شيء في نهي عن تجرد المرأة والرجل. وبهذا نجد أن الإسلام لم ينه في هذا إلا بما يعيب على الحقيقة وأباح ما سوى ذلك مما يعد سعادة واستمتاعاً، وأحاط كل ذلك بحسن المعاشرة وطيبها.
    ومن الآثار المشتركة التي تترتب على عقد النكاح: الاستمتاع والمعاشرة، وقد فصلنا ذلك سابقاً ثم التوارث، وثبوت نسب الأولاد هذا مقام تفصيله بحمد الله وتوفيقه.
    2- التوارث:
    إذا تم عقد النكاح صحيحاً ومات أحد طرفي العقد (الرجل أو المرأة) ثبت الميراث في مال الميت للحي وقد جعل الله في هذا فريضة محكمة في كتابه فجعل للزوج نصف مال زوجته المتوفاة إذا لم يكن لها ولد منه أو من غيره، وجعل له الربع من مالها إذا كان لها ولد منه أو من غيره.
    وأما الزوجة فقد فرض الله لها ربع تركة زوجها إذا لم يكن له ولد منها أو من غيرها ولها الثمن إذا كان له ولد منها أو من غيرها، غير أنها تشترك مع ضرائرها في هذا الثمن إن كان لزوجها المتوفى زوجات غيرها لم يفارقهن. وهذا مفصل في قوله تعالى: {ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد، فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين، ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد، فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم إن لم يكن لكم ولد، فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين}.
    وهذا الميراث حق في مال الزوجة والزوج بمجرد العقد وحتى لو لم يحصل دخول (ولهذه المسألة مزيد تفصيل مستقبلاً إن شاء الله).
    3- ثبوت النسب:
    عقد النكاح وثيقة تثبت صحة نسب المولود لرجل معين ولكن ذلك لا يتم إلا بشرطين.
    أولاً: أن يكون هذا المولود قد ولد بعد مدة كافية لتخلقه جنيناً في بطن أمه وولادته حياً. وجمهور علماء المسلمين أن أقل مدة يثبت فيها صحة النسب هي ستة أشهر، وقد فهموا هذا من الجمع بين النصوص الشرعية، واستقراء الحالات التي كانت في أزمانهم فقد جاء في الحديث الصحيح: [إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح..] الحديث. وهذا يدل على أن حياة الجنين الإنسانية (الروح) لا تكون إلا بعد مائة وعشرين يوماً أي أربعة أشهر، وأما الحياة الحيوانية فالجنين حي منذ كان حيواناً منوياً وكذلك بعد إخصابه للبويضة وانفصال خلاياه لصناعة الجسم. ولكن الحياة الإنسانية أي الروح لا تكون إلا بعد أربعة أشهر، ويبدو أن حالات الولادة قبل الشهور الستة لا يكتب لها الحياة، وعلى كل حال فعلوم الطب تستطيع الآن الحكم على عمر الجنين وبذلك يعلم صحة النسب بكونه قبل العقد أو بعده.
    ثانياً: وأما الشرط الثاني لثبوت النسب فهو الدخول بالمرأة، وهذا الشرط اشترطه جمهور العلماء إلا الإمام أبو حنيفة رحمه الله الذي لم يعد هذا شرطاً ولذلك فصحيح في مذهبه أن يعقد رجل قرانه وهو في المشرق بامرأة في المغرب ولم يلتقيا مطلقاً بعد عقد النكاح ثم جاءت بولد أن ينسب هذا الولد له شاء أم أبى ولا يخفى شذوذ هذا القول ومجانبته للصواب وإن كان قائله قد راعى مصلحة الولد في هذا الأمر ولكن لا يجوز لكي نراعي مصلحة الولد والأم أن نهدر مصلحة الأب الذي يجبر على أن ينسب له غير ولده الذي يعلم قطعاً أنه ليس ولده، وكذلك مصلحة المجتمع المسلم الذي يجب التمييز فيه بين أولاد النكاح وأولاد السفاح.
    والذين اشترطوا الخلوة من العلماء اكتفوا بأن يثبت خلو الرجل بزوجته أي وقت بعد العقد، وعلى كل حال هذه مسألة اعتبارية خاضعة للعرف والظروف، والمهم في هذا الصدد أن عقد النكاح ضمان للمرأة أن ينسب مولودها إلى نكاح صحيح لا إلى سفاح، وإلزام للرجل أن ينسب له من ولد على فراشه من زوجته التي دخل بها.
    وبهذا نرى أن عقد النكاح يترتب عليه من الأمور المشتركة ما لا يترتب على أي عقد في الدنيا فإنه يترتب عليه المخالطة والاستمتاع والتوارث وثبوت النسب وكلها أمور في غاية الأهمية والحساسية، ولذلك كان الاحتياط في هذا العقد والميثاق الغليظ كما سماه الله سبحانه وتعالى واجباً وكان إيقاعه كما أمر الله بشروطه وانتفاء موانعه في غاية الأهمية، ولهذا نقول أيضاً إن هدم القواعد التي يبني عليها عقد النكاح معناه هدم للحضارة الإنسانية الأخلاقية وإرجاع للإنسان إلى مرتبة الحيوان الذي يكتفي بالتناسل فقط دون هوية واسم ودون شخصية مستقلة.
    avatar


    تاريخ التسجيل : 01/01/1970

    مقدمة: الزواج في ظل الاسلام... Empty ثانياً: آثار عقد الزواج على الرجل خاصة

    مُساهمة من طرف  السبت يناير 30, 2010 3:45 pm

    قدمنا أن عقد الزواج من أعجب العقود في الأرض وذلك للعلاقات الخاصة والمتشابكة والآثار العظيمة التي يخلفها عقد الزواج فهذا العقد يترتب عليه مسائل مالية وعاطفية وخلقية ونفسية وأمور أخرى في غاية الحساسية والتعقيد ولا نستطيع أن نأتي بمسطرة وقلم ونخط خطاً ونقول هنا يقع حق الزوج وواجباته وها هي حقوق الزوجة وواجباتها، ومن ظن أنه يستطيع أن يفعل ذلك فهو واهم تماماً ولا يدرك على الحقيقة ماهية هذا العقد العجيبة وآثاره في النفس والحياة. وحتى في الأمور الظاهرية الحسية فإن تحديد مقدار الحق والواجب في غاية الصعوبة والحرج فمن يستطيع أن يقدر مقدار النفقة الواجبة للزوجة على زوجها تحديداً فاصلاً أيضاً وإذا كان هذا هو الشأن في هذه الأمور الظاهرة الحسية المادية فكيف في الأمور المعنوية وكيف أيضاً في الأمور السرية والخاصة بين الزوجين؟ ولذلك فنحن عندما نقول الحق والواجب في عقد الزواج فإنما نعني الخطوط العريضة فقط والعموميات فقط لعلاقات من أدق علاقات الأرض ولا نعني المدلول لهاتين الكلمتين (الحق والواجب).
    ولذلك نجد أن الإسلام في توجيهه لهذا العقد قد أرشد إلى الإحسان والبر وهي منزلة متقدمة فوق الحقوق والواجبات ومعنى هذا أن الرجل والمرأة كليهما يجب أن ينظرا ويجتهدا نحو تحقيق الإحسان والفضل وأنهما لا ينبغي لهما أن يقفا فقط عند الحق والواجب، وباب الإحسان والفضل والبذل والتضحية والوفاء باب واسع جداً لا تحده الحدود ولا تقف أمامه السدود فكلما كان الرجل معطاء كريماً شجاعاً متسامحاً كان أحظى عند الزوجة وأعظم مكانة وأكثر استفادة بزواجه وكلما كانت المرأة وفية مخلصة متفانية في خدمة زوجها ملغية ذاتها في ذاته كانت سعيدة محبوبة مبجلة، وإذا وجد العكس وهو الشح ومطالبة كل منهما بما له أولاً عند الطرف الآخر وتأخير سداد ما عليه نحو الآخر كلما كان الزواج فاشلاً والحياة صعبة ثقيلة متكلفة.
    وعلى ضوء من هذين الأمرين نناقش قضية الحق والواجب في عقد الزواج وهما:
    أولاً: نحن لا نملك حداً فاصلاً بين ما للزوج وما عليه نحو زوجته وما للزوجة وما عليها نحو زوجها ولكننا نملك خطوطاً عريضة فقط.
    ثانياً: لا يجوز بتاتاً أن يقام عقد الزواج على ما الذي لي وما الذي لك ولكن يجب أن يقوم على: ما المقدار الذي أستطيع أن أبذله لك وما المدى الذي يستطيع الطرف الآخر أن يقدمه لي وهذا هو باب الإحسان والفضل والحب والرحمة والوداد ومن هذا المنطق نستطيع تحديد واجبات الرجل نحو زوجته بما يلي:
    1- النفقة:
    وهذا يعني أن يقوم الزوج بالإنفاق على زوجته منذ عقد العقد وحتى الانفصال عنها بأي صورة (كما سيأتي هذا مفصلا إن شاء الله) وهذه النفقة تشمل كل لوازم الزوجة من طعام ومسكن وكسوة ونحو ذلك وأن لا يلزم المرأة شيئاً من هذا أصلاً سواء كانت مالكة وغنية أم لا. وأن العمل بقصد الكسب ليس واجباً على المرأة بحال وعلى ضوء القواعد السابقة فلا تحديد لحجم النفقة وكيفيتها وفي هذا يقول تعالى: {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما أتاها}.
    2- إحسان المعاشرة:
    وهذه أيضاً قضية عامة لا نستطيع تحديدها في قوالب قانونية لأن قضية المعاشرة أمر أخلاقي والأخلاق كثيرة منها ما لا يستطيع أن يضبطه القانون فهل تطالب المرأة زوجها مثلاً أن يبتسم إذا رآها وأن يهش للقائها؟..
    وهذا لا نشك أنه من حسن المعاشرة ولكن لا نستطيع أن نسن ذلك بقانون ولا أن يجبر إنسان على فعله. ولذلك فأمر إحسان المعاشرة أمر واسع خلاصته وجوب اتباع مكارم الأخلاق في المعاشرة وهذا يعني أن لا تقبيح للزوجة، ولا سباب ولا لعن، وإنما لين جانب، وبذل معروف.
    3- القوامة:
    ونعني بالقوامة كون الرجل مسؤولاً عن تقويم زوجته وأن له الكلمة الأخيرة في شئون الحياة الزوجية، وهذا الأمر قد ينظر أناس إليه أنه حق للرجل ولكن يحسن بنا أن نجعله واجباً لا حقاً، فالرجل مسئول عن زوجته لأنها رعية استرعاها الله إياها كما قال صلى الله عليه وسلم: [والرجل في بيته راع وهو مسئول عن رعيته].
    والقوامة لا تعني التسلط والقهر ولا إنفاذ رأي الرجل صواباً كان أو خطأ وإنما تعني حسن السياسة وإدارة دفة الحياة الزوجية على وجه الشورى والإحسان والحرص الدائم على بذل النصح والخير، والوقوف الحازم أمام الانحراف والنشوز.
    هذه هي أهم واجبات الرجل نحو زوجته ولا شك أن رجلاً يستطيع أن يقوم بهذه الواجبات على الوجه الأكمل إلا أن يكون زوجاً صالحاً.
    avatar


    تاريخ التسجيل : 01/01/1970

    مقدمة: الزواج في ظل الاسلام... Empty ثالثاً: آثار عقد الزواج على المرأة خاصة

    مُساهمة من طرف  السبت يناير 30, 2010 3:46 pm

    يفرض عقد النكاح حقوقاً للرجل نحو زوجته أو واجبات على الزوجة نحو زوجها، ونستطيع إيجاز هذه الواجبات في الأمور الثلاثة الآتية:
    1- الطاعة:
    بما أن القوامة على الأسرة واجب من الله سبحانه وتعالى يسأل عنه الرجل يوم القيامة ويسأل عنه الرجل في الدنيا أيضاً أمام المجتمع وولي الأمر فإن من مستلزمات القوامة للرجل أن يطاع من قبل من جعلهم الله سبحانه وتعالى في كفالته ورعايته، ولا نتصور أن يكون الرجل قواماً في بيته متكفلاً بشئون أسرته (زوجته وأولاده) ولا يكون مطاعاً من زوجته وأولاده، ولذلك فطاعة المرأة لزوجها حق يفرضه الله سبحانه وتعالى أولاً وتقتضيه مصالح الأسرة ونظامها ثانياً، وتفرضه الضرورة والواجب ثالثاً. ونعني بالضرورة الخلقة والجبلة والفطرة وهذا لا يماري فيه إلا مكابر، ونعني بالواجب الالتزام الأدبي والخلقي الذي يفرضه إنفاق الرجل على زوجته وكفالته لها فلا أقل من الطاعة والإذعان لأمره.
    والطاعة بالضرورة لا تعني الاستعباد والتسلط والقهر وتبرير الخطأ لأنه صدر من الرجل. لا وإنما تعني الطاعة في نظام الإسلام الطاعة في المعروف إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، والالتزام حيث يحسن الالتزام ولا نعني مطلقاً السير في الخطأ والاستبداد بالرأي، والإكراه، وميادين الطاعة الواجبة لا تحصرها غير أنها مقيدة كما قلنا بالمعروف والاستطاعة ومن ميادين الطاعة الواجبة الخدمة (وسنفرد لها فصلاً مستقلاً وإن كانت هي بذاتها فرداً من أفراد الطاعة) وكذلك الطاعة في الفراش وقد جاءت أحاديث بخصوص الطاعة في هذا الأمر كقوله صلى الله عليه وسلم: [إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح]. (متفق عليه)، وهذا زجر شديد من الرسول صلى الله عليه وسلم أن تمتنع المرأة عن فراش زوجها علواً أو نشوزاً ونفوراً. واللعن هذا لا يكون إلا في فعل حرام أو ترك واجب.
    2- الخدمة:
    الخدمة المنزلية من ميادين الطاعة وقد سبق أن هذا حق من حقوق الرجل، وواجب على المرأة، وليس هناك تحديد شرعي أيضاً لمواصفات الخدمة والذي يحدد هذا أيضاً هو العرف والمعروف، وقد أبعد جداً من ظن أن الخدمة المنزلية ليست واجباً على المرأة نحو زوجها إلا طاعة الفراش فقط، وهذا الفهم إساءة بالغة لمعنى عقد النكاح في الإسلام، وقد كانت الصحابيات بما فيهن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخدمن أزواجهن، ويلقين العنت والتعب في هذه الخدمة ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً أن لا يجب على امرأة أن تخدم زوجها بل على العكس من ذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء بطاعة أزواجهن كما أمر الأزواج بالإحسان إلى النساء. والخدمة أيضاً قضية فطرية جبلية من المرأة نحو زوجها وموافقة الفطرة هي السعادة الحقيقة ولا شك أن أسعد النساء حظاً في الحياة الزوجية أكملهن طاعة وخدمة لأزواجهن وأشقاهن في حياتهن الزوجية من يتخلين عن هذه المهمة الفطرية التي جاء عقد الزواج ليوجبها ويحقها.
    ومن فضلة القول أن هذه الخدمة واجبة على المرأة نحو زوجها فقط وليست واجبة نحو أهل الزوج إلا أن يكون هذا تطوعاً منها وإحساناً وإرضاءً للزوج وتحبباً إليه.
    3- القنوت:
    والقنوت يطلق في اللغة إطلاقات كثيرة ونعني به هنا حبس المرأة نفسها على زوجها فقط حيث لا يكون في قلبها ووقتها شغل بغيره.
    فعقد الزواج ينقل طاعة المرأة من والديها إلى الزوج رأساً ليكون هو الولي المباشر وليكون برها وطاعتها بوالديها من بعد طاعتها لزوجها. وهكذا أيضاً في الآخرين فلا يجوز لامرأة أن تجعل من نفسها نصيباً في خدمة أو تطلع لغير زوجها إلا بإذنه. فالمرأة أسيرة عند الرجل محبوسة عليه وحده ولاءً وطاعة وخدمة، وهذا هو الموقف الشرعي والموقف الفطري والأخلاقي الكامل. ومن هذا الباب كان الرجل مطالباً في الإسلام برعاية زوجته رعاية كاملة لهذا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: [اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم] والعاني هو الأسير أي أسيرات.
    فيجب أن تعلم المرأة المسلمة أن عقد الزواج يفرض عليها هذا الأسر الاختياري وهو أسر محبب ولا شك عند المرأة. والزوجة التي تستطيع أن تراعي حقوق وواجبات هذا الأسر هي المرأة المثالية ولا شك أن الرجل والمرأة إذا بذل كل منهما ما أسند إليه من مهمات وتفاني كل منهما في إسعاد الآخر وإدخال السرور على نفسه فإنهما سيحققان السلام الحق والسعادة المنزلية الكاملة.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 5:02 pm